لأنه ليس بأزيد من استحقاق الدين على المديون.
وبعبارة أخرى: كونه وثيقة عنده مناف مع عدم كونه مقبوضا له وكونه خارجا عن تحت يده وسلطانه.
وفيه: أن الرهن من العقود العهدية، وهو عبارة عن التعاهد بينهما أي الدائن والمديون أن يكون الشئ الفلاني وثيقة دينه، والقبض من طرف المرتهن وإقباض الراهن خارجا من آثار ذلك العقد والتعاهد، وأحكامه كسائر العقود والمعاملات.
مثلا البيع عبارة عن التعاهد بين مالك المبيع والمشتري بأن تكون العين الفلاني ملكا للمشتري بإزاء ما يعطى للبايع من الثمن، وأما قبض المشتري للمبيع أو قبض البايع للثمن فمن آثار تلك المعاملة، بمعنى أنه يجب على كل واحد من المتعاملين إقباض ما ملكه للآخر له، لا أن القبض والإقباض جزء حقيقة البيع.
وهكذا الأمر في سائر العقود المملكة وغيرها كالنكاح مثلا، فإن تمكين الزوجة للبضع ليس داخلا في حقيقة النكاح بل هو من آثاره وأحكامه، فحقيقة الرهن وماهيته تحصل بنفس العقد الجامع لشرائطه التي نذكرها عما قريب إن شاء الله تعالى.
وأما القول الأخير، أي عدم اشتراط صحة الرهن بالقبض بل بعد وقوع العقد صحيحا ومن أحكامه وجوب اقباض الراهن العين المرهونة للمرتهن من دون توقف صحته على القبض.
فيرده الأخبار المتقدمة، وعمدتها قوله عليه السلام: " لا رهن إلا مقبوضا " في رواية محمد بن قيس. (1) وقوله عليه السلام فيما رواه في دعائم الإسلام: " وإن لم يقبض فليس برهن " (2).