الله ومقته عليه ونكله إليه فان هو غلب على شئ من دنياه فصار إليه منه شئ نزع الله البركة منه ولم يأجره على شئ ينفقه في حج ولا عتق ولا بر. فصل: قد ذكرنا أنه لا يجوز له اخذ ما يعلمه حراما فان اضطر إلى اخذه وخاف عن رد جوائزهم وصلاتهم التي يعلمها ظلما بأعيانها جاز له قبولها دفعا للضرر ويجب عليه ردها على أربابها ان عرفهم فان لم يعرفهم عرف بذلك المال واجتهد في طلبهم قاله ابن إدريس قال وقد روى أصحابنا انه يتصدق به عنهم ويكون ضامنا إذا لم يرغبوا بما فعل والاحتياط حفظه والوصية به وقد روى أنه يكون بمنزلة اللقطة قال وهذا بعيد عن الصواب لان الحاقه باللقطة يحتاج إلى دليل وليس هذا الوجه عندي بعيدا عن الصواب إذا قهره على اخذه يبيح له الاخذ كاللقطة وعدم عرفانه بالمالك بصيرة بمنزلة اللقطة التي لا يعرف لها مالك فيعرفها فان عرف المالك والا تخير بين التملك والصدقة مع الضمان على اشكال وان كان الأقوى فيه الصدقة. مسألة: يجوز للانسان ان يبتاع ما يأخذه سلطان الجور وشبهه الزكوات من الإبل والبقر والغنم وما يأخذ عن حق الأرض من الخراج وما يأخذه بشبهة المقاسمة من الغلات على اختلافها وان كان يعلم أنهم يغصبون أموال الناس ويأخذون ما لا يستحقون الا ان يعلم ويتقين له شئ منه بانفراده انه غصب فلا يجوز له ان يبتاعه منه ويسوغ له مع عدم العلم بذلك لشدة الحاجة إلى الغلات ووقوع الضرر إليها وعدم امكان الانفكاك من ابتياعها مع أن أصلها مع السلطان الجاير وهو المتولي لاخذ الانتفاع واحراز الغلات ويحصل الزارع ولو لم يكن مباحا لزم عدم الانفكاك من الحرام شخص من الاشخاص في وقت من الأوقات ويدل على ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل ين صالح قال أراد وأبيع تمر عين إلى زياد فأردت أن اشتريه ثم قلت حي استأذن أبا عبد الله عليه وآله فأمرت مصادفا يسأله فقال قل له يشتريه فان لم يشتره اشتراه غيره وعن إسحاق بن عمارة قال سئلت عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم قال يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه أحدا وفي الصحيح عن هشام بن سالم عن أبي عبيد عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الرجل منا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنمها وهو يعلم أنه ما يأخذون منهم أكثر من الحق الذي يجب عليهم قال فقال ما الإبل والغنم الا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى يعرف الحرام بعينه قيل فما ترى في تصدق تحسا؟؟ فيه صدقات أغنامنا يقول بعناها فيبيعناها فما ترى في شرائها منه قال إن كان اخذها وعزلها فلا بأس قيل له فما ترى في الحنطة والشعير يحسا القاسم فيقسم لنا حقنا ويأخذ حنطة فتقول له مكيل فما ترى في شراء ذلك الطعام منه فقال إن كان قبضه بكيل وأنتم خصومة فلا بأس بشرائه منه بغير كيلا إذا ثبت هذا فإنه يجوز ابتياع ما يأخذه من الغلات باسم المقاسمة الأموال باسم الخراج عن الأرض ومن الانعام باسم الزكاة وقبول هبة ولا يجب اعادته على أربابها وان عرف بعينه دفعا للضرورة. مسألة: إذا غضب ظالم لإنسان شيئا لم يمكن المظلوم من اخذه أو اخذ عوضه جاز له ذلك وروى أنه تركه أفضل فان الظالم قد أودعه وديعة وفي جواز الاخذ من الوديعة بقدر ماله قولان لعلمائنا أحدهما المنع لما رواه سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل وقع لي عنده مال فكابرني عليه ثم حلف ثم وقع له عندي مال فاخذه لمكان مالي الذي اخذه وجوه واخلف عليه كما صنع قال إن خانك فلا تخنه ولا تدخل فيما عينه عليه وفي الصحيح عن ابن أخ الفضيل بن يسار قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام ودخلت امرأة وكنت أقرب القوم إليها فقالت لي أسأله فقلت عماذا فقالت إن ابني مات وترك مالا في يد أخي فأتلفه ثم أفاد مالا ودعنيه فلي ان اخذ منه بقدر ما أتلف من شئ فأخبرته بذلك فقال لا قال رسول الله صلى الله عليه وآله أداء الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك والثاني الجواز لما رواه الشيخ عن داود بن رزين قال قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام اني أخالط السلطان فيكون عندي الجارية فيأخذونها والدابة الفارهة فيأخذونها ثم يقع لهم عندي المال فلي ان اخذه فقال خذ مثل ذلك ولا تزد عليه وعن جميل بن دراج قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له على الرجل الدين فيجحده فيظفر من ماله بقدر الذي جحده أيأخذه وإن لم يعلم الجاحد بذلك قال نعم وعن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لي عليه دراهم فجحدني وحلف عليها أيجوز لي ان وقع له قبلي دراهم ان اخذ منه بقدره حقي قال فقال نعم ولهذا قلت وما هو قال تقول اللهم اي لم اخذه ظلما ولا خيانة وانما اخذته مكان مالي الذي اخذ مني لم أزد شيئا عليه وعن ابن عباس النصاف ان شهابا ما رآه في رجل ذهب له ألف درهم واستودعه بعد ذلك ألف درهم قال أبو العباس فقلت له خذها مكان الألف ا لذي اخذ منك فأبى شهاب قال فدخل شهاب على أبي عبد الله عليه السلام فذكرته ذلك فقال اما انا فأحب إلي ان تأخذ وتحلف وعن علي بن مهزيار قال أخبرني إسحاق ان موسى بن عبد الملك كتب إلى أبي جعفر عليه السلام فسأله عن رجل دفع إليه مالا ليصرفه في بعض وجوه البر فلم يمكنه يصرف ذلك المال في الوجه الذي امره وقد كان له عليه مال بقدر هذا المال فسأله هل يجوز لي ان اقبض مالي أو أرده عليه واقبضه فكتب اقبض مالك بما في يدك وعن علي ين سليمان قال كتبت إليه رجل غصب رجلا مالا أو جارية ثم وقع عنده مالا بسبب وديعة أو قرض مثل ما خانه أو غصبه أيحل له حبسه عليه أم لا فكتب نعم يحل له ذلك أن كان بقدر حقه وان كان أكثر فيأخذ منه ما كان عليه ويسلم الباقي إليه إن شاء الله قال الشيخ رحمه الله ولا تنافي بين هذه الأحاديث لان لكل منهما وجها
(١٠٢٧)