بسم الله الرحمن الرحيم الكتاب الرابع في الصوم وفيه مقدمة ومباحث الصوم في اللغة هو الامساك قال الله تعالى حكاية عن مريم عليها السلام اني نذرت للرحمن صوما اي صمتا على الكلام ويقال صام النهار إذا أمسكت الشمس عن اليسر وقال الشاعر خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى يعلكه اللحم اي ممسكه عن السهيل فاستعمال الصوم في هذه المعاني مع أن الأصل عدم الاشتراك والمجاز وجود ما يضع معنى له في كل واحد واشتراكه أعني الامساك مطلقا دال على كونه حقيقة فيه وفي الشرع عبادة عن إمساك مخصوصا يأتي بيانه إن شاء الله مسألة وهو ينقسم إلى واجب وندب ومكروه محظور فالواجب ستة صوم شهر رمضان والكفارات وصوم المتعة والنذر وما في معناه من اليمين والعهد والاعتكاف على بعض الوجوه وقضاء الواجب والندب جميع أيام السنة الا العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى والمؤكد منه أربعة عشر صوم ثلاثة أيام في كل شهر وأيام البيض والغدير ومولد النبي صلى الله عليه وآله ومبعثه ودحو الأرض وعرفه لمن لا يضعفه عن الدعاء وعاشورا على جهة الحزن والمباهلة وكل خميس و وكل جمعة وأول ذي الحجة ورجب وشعبان والمكروه أربعة صوم عرفة ولمن يضعفه عن الدعاء أو شك في الهلال والنافلة سفرا عدا ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة والضيف نافلة من غير اذن مضيفة وكذا الولد من غير اذن الوالد والصوم ندبا لمن دعا إلى طعام والمحظور تسعة صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ويوم الشك بنية الفرض وصوم نذر المعصية وصوم السمت وصوم الوصال وصوم المرأة والعيد ندبا من غير اذن الزوج والمالك وصوم الواجب سفرا عدا ما استثنى وسيأتي بيان ذلك انشاء الله مسألة قيل أول ما فرض صوم عاشورا وقيل لم يكن فرضا بل تطوعا وقيل لما قدم النبي صلى الله عليه وآله المدينة امر بصوم ثلاثة أيام من كل شهر وهو قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام الآية ثم فسخ بقوله شهر رمضان وقيل المراد بالأيام المعدودات شهر رمضان فالآية ليست منسوخة وقيل أول ما فرض صوم شهر رمضان المطيق لم يكن واجبا عينا بل كان مخير ا بين الفدية والصوم وكان الصوم أفضل وذلك قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وان تصوموا خير لكم ثم نسخ بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه مسألة قيل كان الصوم قي ابتدأ الاسلام ان يمسك من حين يصلي عشاء الآخرة أو ينام إلى أن تغيب الشمس فإذا غابت حل الطعم والشراب إلى أن يصلى العشاء أو ينام وان خزيمة بن قيس الأنصاري أتى امرأته وكان صائما فقال عندك شئ فقالت لعلى اذهب فاطلب لك فذهبت وغلبته عينه فجاءت فقالت جئته لك فتم ينتصف النهار حتى غشى عليه وكان يعمل لمؤنة في ارضه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله فنزل أحل لكم ليلة الصيام الآية وروى ابن عباس ان عمر بن الخطاب اختان نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء فنزل قوله تعالى يختانون أنفسكم مسألة قيل السبب في تسمية رمضان انه كان يوافق زمان الحر مشتق من الرمضا وهز الحجارة الحارة لان الجاهلية كانت يكبس في كل ثلث سنين شهرا فيجعلون المحرم صفرا متى لا نختلف شهورها في الحر والبرد وذلك هو النسي الذي حرمه الله تعالى عليهم فكان رمضان يشتد فيه الحر وربيع في زمان الربيع وجمادي في وجماد الماء فلما حريمه إليه النبي اختلف الشهود في ذلك وروى عن النبي صلى الله عليه وآله انه انما سمى رمضان لأنه يحرق الذنوب مسألة وصوم
(٥٥٦)