مقدمات:
إحداها: إن الأمر للوجوب، وقد بيناه في كتبنا الأصولية (1).
الثانية: إن لفظة " ما " هنا للعموم لحسن الاستثناء الذي هو إخراج ما يتناول اللفظ قطعا عن الإرادة كما في العدد، وقد استوفينا الكلام فيه في علم أصول الفقه (2).
الثالثة: إن القراءة لا تجب في غير الصلاة وهو إجماع، إذا ثبت هذا فنقول: يجب بمقتضى هذا الأمر وجوب قراءة كل ما تيسر من القرآن في الصلاة خرج عنه ما زاد على الحمد والسورة بالإجماع، فتعين الباقي عملا بالمقتضي السالم عن معارضة الإجماع الدال على خلافه، وما رواه منصور بن حازم قال: قال أبو عبد الله - عليه السلام -: لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر (3).
ولأن وجوب الصلاة في الذمة متيقن فلا يخرج المكلف عن العهدة باليقين إلا بقراءة السورة مع الحمد. ولأن وجوب التسمية بعد الحمد قبل السورة يستلزم وجوب السورة والملزوم ثابت فيثبت اللازم. أما الملازمة فظاهرة، إذ لو صلى بالحمد وحدها على تقدير عدم وجوب السورة لم تجب عليه الإعادة وإن ترك التسمية بعد الحمد. وأما ثبوت الملزوم فلما رواه يحيى بن عمران الهمداني قال: كتبت إلى أبي جعفر - عليه السلام - جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ب " بسم الله الرحمن الرحيم " في صلاته وحده في أم الكتاب، فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها، فقال العياشي: ليس بذلك بأس؟ فكتب بخطه: