[وما سوى ذلك من النجاسات ينظر فيه فإن كانت جامدة كالعذرة أزيلت ثم غسل موضعها على ما نبينه إن شاء الله تعالى وإن كانت ذائبة كالبول والدم والخمر فإنه يستحب منه ثلاثا لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدرى أين بانت يده) فندب صلى الله عليه وسلم إلى الثالث للشك في النجاسة فدل على أن ذلك يستحب إذا تيقن ويجوز الاقتصار على مرة لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال (كانت الصلاة خمسين والغسل من النجاسة سبع مرات وغسل الثوب من البول سبع مرات فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعل الصلاة خمسا والغسل من الجنابة مرة وغسل الثوب من البول مرة) والغسل الواجب من ذلك أن تكاثر النجاسة بالماء حتى تستهلك فيه فإن كانت النجاسة على الأرض أجزأته المكاثرة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم (أمر في بول الأعرابي بذنوب) وإنما أمر بالذنوب لان ذلك يغمر النجاسة وتستهلك فيه وقال أبو سعيد الإصطخري وأبو القاسم الأنماطي الذنوب تقدير فيجب في بول واحد ذنوب وفى بول اثنين ذنوبان والمذهب أن ذلك ليس بتقدير لان ذلك يؤدى إلى أن يطهر البول الكثير من رجل بذنوب وما دون ذلك من رجلين لا يطهر الا بذنوبين وإن كانت النجاسة على الثوب ففيه وجهان أحدهما يجزئه المكاثرة كالأرض والثاني لا يجزئه حتى يعصر لأنه يمكن عصره بخلاف الأرض والأول أصح وإن كانت النجاسة في إناء فيه شئ فوجهان أحدهما يجزئ فيه المكاثرة كالأرض والثاني لا يجزئ حتى يراق ما فيه ثم يغسل لقوله صلى الله عليه وسلم: في الكلب يلغ في الاناء (فليهرقه ثم ليغسله سبع مرات)] * [الشرح] هذه القطعة فيها أحاديث ومسائل: أما الأحاديث فالأول حيث (إذا استيقظ أحدكم) رواه مسلم بلفظه من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأصله في الصحيحين وقد سبق بيانه وما يتعلق به من الفوائد في أول صفة الوضوء وينكر على المصنف قوله فيه روى بصيغة تمريض وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما فرواه أبو داود ولم يضعفه لكن في اسناده أيوب بن جابر وقد اختلفوا في تضعيفه واما حديث (أمر النبي صلى الله عليه أن يصبوا على بول الأعرابي ذنوبا) فرواه البخاري ومسلم من طرق من رواية أنس رضي الله عنه ورواه البخاري أيضا بمعناه من رواية أبي هريرة واما حديث (فليهرقه ثم ليغسله سبع مرات) فصحيح رواه مسلم وقد قدمناه
(٥٩١)