فإنه إذا لم يرتب فصلاته باطلة قطعا لأنه لم يأت بموجب واحد منهما وقد حكي القاضي حسين هذا الوجه في آخر صفة الوضوء عن شيخه القفال وانه رجع عنه فقال قال القفال الترتيب واجب الا في ثلاث صور: إحداها هذه (والثانية) إذا أولج الخنثى ذكره في دبر رجل فعلى المولج فيه الوضوء بلا ترتيب و (الثالثة) مسألة ابن الحداد التي قدمناها في فصل ترتيب الوضوء: قال القاضي ثم إن القفال رجع عن المسألتين الأوليين وقال الأصل شغل ذمته بالصلاة ولا تبرأ بهذا فصرح القاضي برجوع القفال وان هذا الوجه خطأ وكأن من حكاه خفى عليه رجوع القفال عنه: والوجه الثالث أنه مخير بين التزام حكم المنى أو المذي وهذا هو المشهور في المذهب وبه قال أكثر أصحابنا المتقدمين وقطع به جمهور المصنفين وصححه الروياني والرافعي وجماعة من فضلاء المتأخرين لأنه إذا أتي بمقتضى أحدهما برئ منه يقينا والأصل براءته من الآخر ولا معارض لهذا الأصل بخلاف من نسي صلاة من صلاتين لان ذمته اشتغلت بهما جميعا والأصل بقاء كل واحد منهما: والوجه الرابع يلزمه مقتضى المنى والمذي جميعا وهو الذي اختاره المصنف (1) وجعله احتمالا لنفسه وهو وجه حكاه الرافعي وهو الذي يظهر رجحانه لان ذمته اشتغلت بطهارة ولا يستبيح الصلاة الا بطهارة متيقنة أو مظنونة أو مستصحبة ولا يحصل ذلك الا بفعل مقتضاهما جميعا: قال أصحابنا فان قلنا بالتخيير فتوضأ وصلى في ثوب آخر صحت صلاته وان صلى في الثوب الذي فيه البلل ولم يغسله لم تصح صلاته لأنه إما جنب واما حامل نجاسة: وان اغتسل وصلى في هذا الثوب قبل غسله صحت صلاته لاحتمال انه مني: قال الرافعي ويجرى هذا الخلاف فيما لو أولج خنثى مشكل في دبر رجل فهما على تقدير ذكورة الخنثى جنبان والا فمحدثان فالجنابة محتملة فإذا توضأ وجب الترتيب وفيه الوجه السابق وهو غلط والله أعلم (فرع) قد يعترض على المصنف في قوله على اختياره يلزمه غسل الثوب مع الوضوء والغسل فيقال الصواب أنه لا يجب غسل الثوب لان الأصل طهارة فلا يجب غسله بالشك بخلاف الجمع بين الوضوء والغسل لان ذمته اشتغلت بأحدهما ولا تصح الصلاة الا به ولا نعلم أنه أتي به الا إذا جمع بينهما
(١٤٦)