والجواب الثاني لو صح لحمل على غسل النجاسة كما سبق وبه أجاب الشافعي والأصحاب وغيرهم والثالث أنه محمول على الاستحباب والجواب عن حديث المستحاضة من وجهين أحدهما انه ضعيف غير معروف وحديث المستحاضة مشهور في الصحيحين بغير هذه الزيادة وهي ذكر الوضوء فهي زيادة باطلة: والثاني لو صح لكان معناه إعلامها ان هذا الدم ليس حيضا بل هو موجب للوضوء لخروجه من محل الحدث ولم يرد أن خروج الدم من حيث كان يوجب الوضوء ومن العجب تمسكهم بهذا الحديث الضعيف الذي لو صح لم يكن فيه دلالة وقد قال امام الحرمين في الأساليب ان هذا الحديث مما يعتمدونه وهذا أشد تعجبا: واما حديث تميم الداري فجوابه من أوجه أحدها انه ضعيف وضعفه من وجهين أحدهما ان يزيد ويزيد الراويين مجهولان والثاني انه مرسل أو منقطع فان عمر بن عبد العزيز لم يسمع تميما: الجواب الثاني والثالث لو صح حمل على غسل النجاسة أو الاستحباب: والجواب عن حديثي سلمان وابن عباس من الأوجه الثلاثة: واما قياسهم فرده أصحابنا وقالوا الحدث المجمع عليه غير معقول المعني ولا يصح القياس لعدم معرفة العلة قال أبو بكر بن المنذر لا وضوء في شئ من ذلك لأني لا أعلم مع من أوجب الوضوء فيه حجة هذا كلام ابن المنذر الذي لاشك في إتقانه وتحقيقه وكثرة اطلاعه على السنة ومعرفته بالدلائل الصحيحة وعدم تعصبه والله أعلم * واما قول المصنف لا ينتقض الوضوء بشئ سوى هذه الخمسة فهو كقوله في أول الباب الذي ينقضه خمسة وقد قدمنا في أول الباب انه ترك ثلاثة: انقطاع الحدث الدائم ونزع الخف والردة على خلاف فيهما * قال المنصف رحمه الله * [وكذلك اكل شئ من اللحم لا ينقض الوضوء وحكي ابن القاص قولا آخر ان اكل لحم الجزور ينقض الوضوء وليس بمشهور والدليل على أنه لا ينقض الوضوء ما روى جابر رضي الله عنه (قال كان آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار) ولأنه إذا لم ينتقض الوضوء بأكل لحم الخنزير وهو حرام فلان لم ينتقض بغيره أولى] *
(٥٦)