وبها جاء القرآن: والاحتلام افتعال من الحلم بضم الحاء واسكان اللام وهو ما يراه النائم من المنامات يقال حلم في منامه بفتح الحاء واللام واحتلم وحلمت كذا وحلمت بكذا هذا أصله ثم جعل اسما لما يراه النائم من الجماع فيحدث معه إنزال المنى غالبا فغلب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره من أنواع المنام لكثرة الاستعمال: وقوله صلى الله عليه وسلم (نعم إذا رأت الماء) بيان لحالة وجوب الغسل بالاحتلام وهي إذا كان معه إنزال المنى والله أعلم: وقوله واليقظة هي بفتح القاف وهي ضد النوم:
أما أحكام الفصل ففيه مسائل (إحداها) اجمع العلماء على وجوب الغسل بخروج المنى ولا فرق عندنا بين خروجه بجماع أو احتلام أو استمناء أو نظر أو بغير سبب سواء خرج بشهوة أو غيرها وسواء تلذذ بخروجه أم لا وسواء خرج كثيرا أو يسيرا ولو بعض قطرة وسواء خرج في النوم أو اليقظة من الرجل والمرأة العاقل والمجنون فكل ذلك يوجب الغسل عندنا: وقال أبو حنيفة ومالك واحمد لا يجب الا إذا خرج بشهوة ودفق كما لا يجب بالمذي لعدم الدفق: دليلنا الأحاديث الصحيحة المطلقة كحديث (الماء من الماء) وبالقياس على إيلاج الحشفة فإنه لا فرق فيه ولا يصح قياسهم على المذي لأنه في مقابلة النص ولأنه ليس كالمني: وحكي صاحب البيان عن النخعي أنه قال لا يجب على المرأة الغسل بخروج المنى ولا أظن هذا يصح عنه فان صح عنه فهو محجوج بحديث أم سلمة وقد نقل أبو جعفر محمد بن جرير الطبري اجماع المسلمين على وجوب الغسل بإنزال المنى من الرجل والمرأة والله أعلم: (المسألة الثانية) إذا أمنى واغتسل ثم خرج منه منى على القرب بعد غسله لزمه الغسل ثانيا سواء كان ذلك قبل أن يبول بعد المنى أو بعد بوله هذا مذهبنا نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وبه قال الليث واحمد في رواية عنه: وقال مالك وسفيان الثوري وأبو يوسف وإسحاق بن راهويه لأغسل مطلقا وهي أشهر الروايات عن أحمد وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعطاء والزهري وغيرهم رضي الله عنهم وقال أبو حنيفة إن كان ما بال قبل الغسل ثم خرج المنى فلا غسل عليه لأنه بقية المنى الذي اغتسل عنه وإلا فيجب الغسل ثانيا وهو رواية ثالثة عن أحمد: وعن أبي حنيفة عكس هذا إن كان بال لم يغتسل لأنه منى عن غير شهوة والا