الوجهان اللذان ذكرهما المصنف وهما مشهوران ونقل ابن الصباغ ان الشافعي نص في الأم على أنه لا يصح تيممه حتى يزيلها واختلف الأصحاب في الأصح فصحح الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وابن الصباغ والشيخ نصر والشاشي وآخرون من العراقيين بطلان التيمم وصحح إمام الحرمين والبغوي صحته وبه قطع أبو علي الطبري في الافصاح ودليله ما ذكره المصنف قال امام الحرمين ولأنه لا خلاف أنه لو تيمم وهو مكشوف العورة صح تيممه وإن كان هذا التيمم لا يستعقب إباحة الصلاة حتى يستر عورته وذكر القاضي أبو الطيب نحو هذا: وهذا الذي أورداه من ستر العورة اشكال قوى: ويمكن الفرق بأن ستر العورة أخف من إزالة النجاسة ولهذا تصح الصلاة مع العرى بلا إعادة بخلاف النجاسة والله أعلم * ثم صورة المسألة أن يكون مع هذا التيمم من الماء ما يكفيه لإزالة النجاسة من غير زيادة كذا صورها امام الحرمين وغيره وهو الصواب: وتتصور أيضا فيمن تيمم لجراحة أو مرض بحيث لا يجب استعمال الماء في الحدث ويجب في النجس لقلته وقال البغوي الوجهان فيمن ليس معه ما يغسل به النجاسة فأما من معه ما يكفيه للنجاسة فلا يصح تيممه قبل ازالتها والصواب ما سبق * ولو تيمم وليس عليه نجاسة ثم حدثت نجاسة وقلنا النجاسة المقارنة تمنع صحة التيمم ففي الحادثة وجهان حكاهما الروياني قال وهما كالوجهين فيما إذا تيمم ثم ارتد لأن النجاسة تمنع الصلاة كالردة وقال القاضي حسين ان تيمم عالما بالنجاسة صح تيممه لان طلبه الماء للتيمم يكفيه له وللنجاسة: وان تيمم وعليه نجاسة لا يعلمها أو حدثت بعد التيمم بطل التيمم لأنه يجب طلب الماء لازالتها والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * [وإذ أراد الاستنجاء نظرت فإن كانت النجاسة بولا أو غائطا ولم تجاوز الموضع المعتاد جاز بالماء والحجر والأفضل أن يجمع بينهما لان الله تعالى اثنى على أهل قباء فقال سبحانه وتعالى (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عما يصنعون فقالوا نتبع الحجارة الماء: فان أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل لأنه أبلغ في الانقاء وان أراد الاقتصار على الحجر جاز
(٩٨)