عن بعض المتقدمين فهذان تأويلان مشهوران للأصحاب ولكن في كل واحد منهما ضعف والظاهر المختار أن النهي وقع في وقت واحد وأنه عام لكلتيهما في كل مكان ولكنه في الكعبة نهي تحريم في بعض الأحوال على ما سبق وفى بيت المقدس نهى تنزيه ولا يمتنع جمعهما في النهي وان اختلف معناه وسبب النهى عن بيت المقدس كونه كان قبلة فبقيت له حرمة الكعبة وقد اختار الخطابي هذا التأويل فان قيل لم حملتموه في بيت المقدس على التنزيه قلنا للاجماع فلا نعلم من يعتد به خرمه والله أعلم (فرع) في مذاهب العلماء في استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط هي أربعة مذاهب أحدها مذهب الشافع أن ذلك حرام في الصحراء جائز في البنيان على ما سبق وهذا قول العباس ابن عبد المطلب وعبد الله بن عمر والشعبي ومالك وإسحاق ورواية عن أحمد * والمذهب الثاني يحرم ذلك في الصحراء والبناء وهو قول أبي أيوب الأنصاري الصحابي ومجاهد والنخعي والثوري وأبي ثور ورواية عن أحمد * والثالث يجوز ذلك في البناء والصحراء وهو قول عروة بن الزبير وربيعة وداود الظاهري * والرابع يحرم الاستقبال في الصحراء والبناء ويحل الاستدبار فيهما وهو رواية عن أبي حنيفة واحمد * واحتج لمن حرم مطلقا بحديث أبي أيوب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ولكن شرقوا أو غربوا قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف ونستغفر الله) رواه البخاري ومسلم: وعن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا جلس أحدكم على حاجة فلا يستقبلن القبلة ولا يستدبرها) رواه مسلم وعن سلمان رضي الله عنه قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة لغائط أو بول قالوا ولأنه إنما منع لحرمة القبلة وهذا موجود في البناء كالصحراء ولأنه لو كفى الحائل لجاز في الصحراء فان
(٨١)