النبي صلى الله عليه وسلم ثم اغتسل ودخل المسجد فأظهر الشهادة ثانيا جمعا بين الروايتين * واحتج أصحابنا بما ذكره المصنف وهو انه أسلم خلق كثير ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال ولأنه ترك معصية فلم يجب معه غسل كالتوبة من سائر المعاصي: والجواب عن حديثيهما من وجهين أحدهما حملهما على الاستحباب جمعا بين الأدلة ويؤيده أنه صلى الله عليه وسلم أمر قيسا أن يغتسل بماء وسدر واتفقنا على أن السدر غير واجب (الثاني) أنه صلى الله عليه وسلم علم أنهما اجنبا لكونهما كانت لهما أولاد فأمرهما بالغسل لذلك لا للاسلام والله أعلم * (فرع) يستحب للكافر إذا أسلم ان يحلق شعر رأسه نص عليه الشافعي في الأم والشيخ أبو حامد والبندنيجي والقاضي أبو الطيب والمحاملي وابن الصباغ والروياني والشيخ نصر وآخرون * واحتجوا له بحديث عثيم بضم العين المهملة وفتح المثلثة عن أبيه عن جده انه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أسلمت: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (الق عنك شعر الكفر) يقول احلق رواه أبو داود والبيهقي واسناده ليس بقوي لان عثيما وكليبا ليسا بمشهورين ولا وثقا لكن أبا داود رواه ولم يضعفه وقد قال إنه إذا ذكر حديث ولم يضعفه فهو عنده صالح أي صحيح أو حسن فهذا الحديث عنده حسن ويستحب أن يغتسل بماء وسدر لما ذكرناه من حديث قيس والله أعلم * (فرع) إذا أراد الكافر الاسلام فليبادر به ولا يؤخره للاغتسال بل تجب المبادرة بالاسلام ويحرم تحريما شديدا تأخيره للاغتسال وغيره وكذا إذا استشار مسلما في ذلك حرم على المستشار تحريما غليظا أن يقول له أخره إلى الاغتسال بل يلزمه أن يحثه على المبادرة بالاسلام هذا هو الحق والصواب وبه قال الجمهور وحكي الغزالي رحمه الله في باب الجمعة وجها انه يقدم الغسل على الاسلام ليسلم مغتسلا قال وهو بعيد وهذا الوجه غلط ظاهر لا شك في بطلانه وخطأ فاحش بل هو من الفواحش المنكرات وكيف يجوز البقاء على أعظم المعاصي وأفحش الكبائر ورأس الموبقات وأقبح المهلكات لتحصيل غسل لا يحسب عبادة لعدم أهلية فاعله وقد قال صاحب التتمة في باب الردة لو رضى مسلم بكفر كافر بان طلب كافر منه أن يلقنه الاسلام فلم يفعل أو أشار عليه بأن لا يسلم أو أخر عرض الاسلام عليه بلا عذر صار مرتدا في جميع ذلك لأنه اختار الكفر على الاسلام وهذا الذي قاله افراط أيضا بل الصواب ان يقال ارتكب معصية عظيمة: وأما قول النسائي (1) في سننه باب تقديم غسل الكافر إذا أراد أن يسلم واحتج بحديث أبي هريرة ان ثمامة انطلق فاغتسل
(١٥٤)