آخرة الرحل وليكن بينه وبينه ثلاث أذرع فأقل ولو أناخ راحلته وتستر بها أو جلس في وهدة أو نهر أو أرخى ذيله حصل هذا الغرض والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * [ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لغائط ولا بول) ويجوز ذلك في البنيان لما روت عائشة رضي الله عنها أن ناسا كانوا يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أوقد فعلوها حولوا بمقعدتي إلى القبلة) ولان في الصحراء خلقا من الملائكة والجن يصلون فيستقبلهم بفرجه وليس ذلك في البنيان] * [الشرح] حديث أبي هريرة صحيح رواه الشافعي في مسنده وفى الأم باسناده الصحيح بهذا اللفظ المذكور في الكتاب ورواه مسلم في صحيحه دون قوله لغائط ولا بول ورواه البخاري ومسلم من رواية أبي أيوب ووقع في المذهب لغائط باللام وقد روى هذا الحديث لغائط وبغائط باللام وبالباء وكلاهما صحيح: وأما حديث عائشة فرواه أحمد بن حنبل وابن ماجة واسناده حسن لكن أشار البخاري في تاريخه في ترجمة خالد بن أبي الصلت إلى أن فيه علة وقوله صلى الله عليه وسلم (أو قد فعلوها) هو بفتح الواو وهي واو العطف وهو استفهام توبيخ وتقريع قال الواحدي في تفسير قول الله تعالى (أو لو كانوا لا يعقلون شيئا ولا يهتدون) إنما جعل الاستفهام للتوبيخ لأنه يقتضى الاقرار بما الاقرار به فضيحة كما يقتضى الاستفهام الاخبار عن المستفهم عنه والمقعدة بفتح الميم وهي موضع العقود لقضاء حاجة الانسان: أما حكم المسألة فمذهبنا أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط في الصحراء ولا يحرم ذلك في البنيان ودليله ما ذكره المصنف مع ما سأذكره في فروع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى قال أصحابنا الخراسانيون وجماعة من العراقيين منهم صاحب الشامل إنما يجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان بشرط أن يكون بينه وبين الجدار ونحوه ثلاث أذرع فما دونها ويكون الجدار ونحوه مرتفعا قدر مؤخرة الرحل فان
(٧٨)