التخفيف يستدل بها من وجهين (أحدهما) معناها أيضا يغتسلن وهذا شائع في اللغة فيصار إليه جمعا بين القراءتين (والثاني) أن الإباحة معلقة بشرطين (أحدهما) انقطاع دمهن (والثاني) تطهرهن وهو اغتسالهن وما علق بشرطين لا يباح بأحدهما كما قال الله تعالى (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فان آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم) فان قيل ليستا شرطين بل شرط واحد ومعناه حتى ينقطع دمهن فإذا انقطع فاتوهن كما يقال لا تكلم زيدا حتى يدخل الدار فإذا دخل فكلمه فالجواب من أوجه أحدها أن ابن عباس والمفسرين وأهل اللسان فسروه فقالوا معناه فإذا اغتسلن فوجب المصير إليه والثاني أن ما قاله المعترض فاسد من جهة اللسان فإنه لو كان كما قال لقيل فإذا تطهرن فأعيد الكلام كما يقال لا تكلم زيدا حتى يدخل فإذا دخل فكلمه فلما أعيد بلفظ آخر دل على أنهما شرطان كما يقال لا تكلم زيدا حتى يدخل فإذا أكل فكلمه الثالث أن فيما قلنا جمعا بين القراءتين فتعين واحتج أصحابنا بأقيسة كثيرة ومناسبات أحسنها ما ذكره امام الحرمين في الأساليب فقال أولى متمسك من طريق المعني اعتبار صورة الاتفاق فنقول اتفقنا على التحريم إذا طهرت لدون العشرة فاستمرار التحريم بعد انقطاع الدم ان علل بوجوب غسل الحيض لزم التحريم إذا طهرت لأكثر الحيض وان علل بامكان عود الدم فهو منتقض بما إذا اغتسلت أو تيممت أو خرج وقت الصلاة ثم ذكر معاني أخر ثم قال فالوجه اعتماد ما ناقضوا فيه وكل ما ذكروه منتقض بما سلموه فان قيل تحريم الوطئ بالحيض غير معلل قلنا وجوب الغسل بالانقطاع غير معلل ولا يمكن أن يقال عادت إلى ما كانت فان الغسل واجب فوجب الرجوع إلى ظاهر القرآن لانسداد طريق النظر فظاهر القرآن تحريم الوطئ حتى تغتسل وأما الجواب عن جواز الصوم أن الشرع ورد بتحريم الصوم على الحائض وهذه ليست بحائض وهنا حرم الوطئ حتى تغتسل وعن الطلاق أن تحريمه لتطويل العدة وذلك يزول بمجرد الانقطاع وعن قولهم التحريم للحيض من أوجه أحدها لا نسلم بل هو لحدث الحيض وهو باق الثاني أنه ينتقض بالانقطاع لدون أكثر الحيض الثالث أن الجنابة لا تمنع الوطئ وكذا غسلها بخلاف الحيض والله أعلم * (فرع) قال أبو العباس الجرجاني في المعاياة ليست امرأة تمنع من الصلاة بحكم الحيض الا ويحرم وطؤها الا واحدة وهي من أنقطع دمها وعدمت الماء فتيممت ثم أحدثت فإنها تمنع من الصلاة دون الوطئ هذا كلامه وقد ينازع فيه ويقال المنع من الصلاة هنا للحدث قال وانقطاع الدم إذا أباح الصلاة أباح الوطئ الا في حق من عدمت الماء والتراب فتصلي ولا يحل وطؤها
(٣٧١)