فوجب الجمع وهذا اعتراض حسن: فان قيل ما الفرق على قول الجمهور بين هذه المسألة وما إذا ملك اناء من ذهب وفضة مختلطين وزنه ألف: ستمائة من أحدهما وأربعمائة من الآخر ولا يعرف أيهما أكثر فان المذهب وجوب الاحتياط بان يزكي ستمائة من كل واحد ولم يلزمه الجمهور هنا الاحتياط:
فالجواب أن في مسألة الاناء يمكنه معرفة اليقين بسبكه ولا يمكنه اليقين بعينه والله أعلم * قال المصنف رحمه الله تعالى [وأما الحيض فإنه يوجب الغسل لقوله تعالى (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن) قيل في التفسير هو الاغتسال ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش (إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصل) وأما دم النفاس فإنه يوجب الغسل لأنه حيض مجتمع ولأنه يحرم الصوم والوطئ ويسقط فرض الصلاة فأوجب الغسل كالحيض] [الشرح] أما تفسير الآية فقال جمهور المفسرين المحيض هنا هو الحيض وهو مذهبنا نص عليه الشافعي والأصحاب: قال القاضي أبو الطيب في أول باب الحيض اختلف الناس في المحيض فعندنا هو الدم وقال قوم هو الفرج نفسه لأنه موضع الدم كالمبيت والمقيل موضع البيتوتة والقيلولة:
وقال قوم هو زمان الحيض وهذان القولان غلط لان الله تعالى قال (قل هو أذى) والفرج والزمان لا يوصفان بذلك وفى حديث أم سلمة (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض) أي الدم وسنزيد في تفسير الآية وايضاحها في أول كتاب الحيض إن شاء الله تعالى: وأما حديث بنت أبي حبيش فصحيح رواه البخاري ومسلم من رواية عائشة رضي الله عنها من طرق وفى بعض رواياتهما (وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي) كما هو في المهذب وفى بعضها (فاغسلي عنك الدم وصلى) والحيضة بكسر الحاء وفتحها فالكسر اسم لحالة الحيض والفتح بمعنى الحيض وهي المرة الواحدة منه قال الخطابي الصواب الكسر وغلط من فتح وجوز القاضي عياض وغيره الفتح وهو أقوى:
وحبيش بضم الحاء المهملة ثم باء موحدة مفتوحة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة