وأما قوله صلى الله عليه وسلم وليستنج بثلاثة أحجار وشبهه فإنما نص على الأحجار لكونها غالب الموجود للمستنجي بالفضاء مع أنه لا مشقة فيها ولا كلفة في تحصيلها وهذا نحو قول الله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) وقوله تعالى (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ان خفتم) ونظائر ذلك فكل هذا مما ليس له مفهوم يعمل به لخروجه على الغالب والله أعلم * (فرع) ورد الشرع باستعمال الحجر في الاستنجاء ورمى جمار الحج وباستعمال الماء في طهارة الحدث والنجس وباستعمال التراب في التيمم وغسل ولوغ الكلب وباستعمال القرظ في الدباغ فأما الحجر فمتعين في الرمي دون الاستنجاء لان الرمي لا يعقل معناه بخلاف الاستنجاء وأما الماء في الطهارة والتراب في التيمم فمتعينان وفى التراب في الولوغ قولان وفى الدباغ طريقان تقدما المذهب انه لا يتعين القرظ والثاني قولان كالولوغ والفرق ان الولوغ دخله التعبد والفرق بين الدباغ والاستنجاء ان الاستنجاء مما تعم به البلوى ويضطر كل أحد إليه في كل وقت وكل مكان ولا يمكن تأخيره فلو كلف نوعا معينا شق وتعذر في كثير من الأوقات ووقع الحرج وقد قال الله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) والدباغ بخلافه في كل هذا والله أعلم * قال المصنف رحمه الله * [فأما غير الماء من المائعات فلا يجوز الاستنجاء به لأنه ينجس بملاقاة النجاسة فيزيد في النجاسة وما ليس بطاهر كالروث والحجر النجس لا يجوز الاستنجاء به لأنه نجس فلا يجوز الاستنجاء به كالماء النجس فان استنجى بذلك لزمه بعد ذلك أن يستنجى بالماء لان الموضع قد صار نجسا بنجاسة نادرة فوجب غسله بالماء ومن أصحابنا من قال يجزئه الحجر لأنها نجاسة على نجاسة فلم تؤثر] *
(١١٤)