ويجوز وجه رابع أنه لبيان الجواز: وأما السباطة فبضم السين وهي ملقى التراب والكناسة ونحوها تكون بفناء الدور مرفقا للقوم قال الخطابي ويكون ذلك في الغالب سهلا لينا منثالا يخد فيه البول ولا يرجع على البائل وأما المئبض فبهمزة ساكنة بعد الميم ثم باء موحدة مكسورة ثم ضاد معجمة ويجوز تخفيف الهمزة بقلبها ألفا كما في رأس وأشباهه والمئبض باطن الركبة من الآدمي وغيره وجمعه مآبض بالمد كمسجد ومساجد وأما بوله صلى الله عليه وسلم في سباطة القوم فيحتمل أوجها أظهرها انه علم أن أهلها يرضون ذلك ولا يكرهونه ومن كان هذا حاله جاز البول في أرضه: (الثاني) أنها لم تكن مختصة بهم بل كانت بفناء دورهم للناس كلهم فأضيفت إليهم لقربها منهم (الثالث) انهم أذنوا لمن أراد قضاء الحاجة فيها بصريح الاذن أو بمعناه: والله أعلم * أما حكم المسألة فقال أصحابنا يكره البول قائما بلا عذر كراهة تنزيه ولا يكره للعذر وهذا مذهبنا وقال ابن المنذر اختلفوا في البول قائما فثبت عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل ابن سعد انهم بالوا قياما وروى ذلك عن علي وأنس وأبي هريرة وفعله ابن سرين وعروة وكرهه ابن مسعود والشعبي وإبراهيم بن سعد وكان إبراهيم بن سعد لا يقبل شهادة من بال قائما قال وقال مالك إن كان في مكان لا يتطاير إليه من البول شئ فمكروه وان تطاير فلا كراهة قال ابن المنذر البول جالسا أحب إلى وقائما مباح وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * قال المصنف رحمه الله [ويكره أن يبول في ثقب أو سرب لما روي عبد الله بن سرجس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن البول في جحر) ولأنه ربما خرج عليه ما يلسعه أو يرد عليه البول] [الشرح] حديث ابن سرجي صحيح رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم بالأسانيد الصحيحة وفى رواياتهم زيادة قالوا لقتادة الراوي عن ابن سرجس ما تكره من البول في جحر فقال كان يقال إنها مساكن الجن والثقب بفتح الثاء وضمها لغتان تقدمتا في باب صفقة الوضوء في فصل
(٨٥)