عندنا وبه قال العلماء كافة الا ما حكاه أصحابنا عن أهل الظاهر وبعض أصحاب مالك أنهم جوزوه للآية ودليلنا أن التيمم رخصة أبيحت للضرورة فلا يباح بلا ضرورة ولا ضرورة هنا ولأنه واجد للماء لا يخاف ضررا فلا يباح التيمم كما لو خاف ألم البرد دون تعقب ضرر قال أصحابنا ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال (الحمي من فيح جهنم فأبردوها بالماء) رواه البخاري ومسلم من رواية ابن عمر وغيره فندب إلى الماء للحمي فلا تكون سببا لتركه والانتقال إلى التيمم والجواب عن الآية من وجهين أحدهما أن ابن عباس رضي الله عنهما فسرها بالجراحة ونحوها كما سبق وروى هذا التفسير مرفوعا كما سبق والجراحة ونحوها يخاف معها الضرر من الماء فلا يلحق بها غيرها: والثاني انها لو كانت عامة خصصناها بما سبق (الضرب الثاني) مرض يخاف معه من استعمال الماء تلف النفس أو عضو أو حدوث مرض يخاف منه تلف النفس أو عضو أو فوات منفعة عضو فهذا يجوز له التيمم مع وجود الماء بلا خلاف بين أصحابنا الا صاحب الحاوي فإنه حكي في خوف الشلل طريقين أحدهما فيه قولان كما في خوف زيادة المرض وأصحهما القطع بالجواز كما قاله الجمهور والا ما حكاه امام الحرمين عن العراقيين انهم نقلوا في جواز التيمم لمن خاف مرضا مخوفا قولين وهذا النقل عنهم مشكل فان الموجود في كتبهم كلهم القطع بجواز التيمم لخوف حدوث مرض مخوف وقد أشار الرافعي أيضا إلى الانكار على امام الحرمين في هذا النقل هذا بيان مذهبنا وحكي أصحابنا عن عطاء ابن أبي رباح والحسن البصري انهما قالا لا يجوز التيمم للمريض الا عند عدم الماء لظاهر الآية دليلنا ما سبق من تفسير ابن عباس وحديث عمرو بن العاص وحديث الرجل الذي اصابته الشجة وغيره من الأدلة الظاهرة: وأما الآية فحجة لنا وتقديرها والله أعلم وان كنتم مرضى فعجزتم أو خفتم من استعمال الماء أو كنتم على سفر فلم تجدوا ماء فتيمموا (الضرب الثالث) أن يخاف ابطاء البرئ أو زيادة المرض وهي كثرة الألم وإن لم تطل مدته أو شدة الضنا وهو الداء الذي يخامر صاحبه وكلما ظن أنه برئ نكس وقيل هو النحافة والضعف أو خاف حصول شين فاحش على عضو ظاهر وهو الذي يبدو في حال المهنة غالبا ففي هذه الصور النصوص والخلاف الذي ذكره المصنف وحاصله ثلاث طرق الصحيح منها أن في المسألة قولين أصحهما جواز التيمم ولا إعادة عليه وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وداود وأكثر العلماء
(٢٨٥)