وقد تقدم في فروع بيع الفضولي وفي فروع المعاطاة، نقل كلام القطب والشهيد وغيرهما، ويمكن توجيه ما ذكر في المعاطاة بدخول المال آنا ما قبل التصرف في ملك المتصرف، كما يلزمهم القول بذلك في وطئ الجارية المأخوذة بالمعاطاة. وتوجيه الثاني بأنه في معنى تمليك ماله مجانا بغير عوض، وكيف كان، فالمعاوضة لا يعقل بدون قيام كل عوض مقام معوضه، {1} وإذا ثبت على غير ذلك فلا بد من توجيهه أما بانتقال أحد العوضين إلى غير مالكه قبل المعاوضة وأما بانتقال العوض الأخر إليه بعدها. ومن هنا يمكن أن يحمل قوله فيما نحن فيه اشتر بدراهمي طعاما لنفسك، على إرادة كون اللام لمطلق النفع لا للتمليك بمعنى اشتر في ملكي وخذه لنفسك، كما ورد في مورد بعض الأخبار السابقة اشتر لنفسك طعاما واستوف حقك، ويمكن أن يقال إنه إذا اشترى لنفسه بمال الغير وقع البيع فضولا، كما لو باع الغير لنفسه، فإذا قبضه فأجاز المالك الشراء والقبض تعين له وحيث كان استمراره بيد المشتري قبضا فقد قبض ماله على مالك الطعام، فافهم.
____________________
{1} قوله فالمعاوضة لا يعقل بدون قيام كل عوض مقام معوضه وفيه أنه لم يرد آية ولا رواية دالة على كون المبيع معاوضة بين المالين، وقد مر في أول كتاب البيع عند بيان حقيقته من أن أصل ذلك هو ما عن المصباح في تعريف البيع بأنه مبادلة مال بمال، وقد أوردنا عليه بايرادات خمسة خامسها: إن مقتضى هذا التعريف لزوم دخول العوض في كيس من خرج المعوض عن كيسه، مع أنه لا يعتبر ذلك، ألا ترى أن الانسان يعطي الدرهم إلى الخباز، ويقول أعط الخبز للفقير، فإن هذا بيع مع أنه لا مبادلة فيه، والالتزام بأنه يملك الفقير الدرهم أولا ثم يعطي الخباز، أو أنه يوكله في تمليكه الخبز إياه ثم اعطائه للفقير، خلاف الواقع الذي عليه بناء العرف والعقلاء في أمثال هذه المعاملة وعلى ذلك فلا اشكال في المسألة