الرابع: ذكر جماعة أنه لو دفع إلى من له عليه
طعام دراهم، وقال اشتر بها لنفسك طعاما لم يصح، {1} لأن مال الغير يمتنع شراء شئ به لنفسه، ووجهه أن قضية المعاوضة انتقال كل عوض إلى ملك من خرج عن ملكه العوض الآخر، فلو انتقل إلى غيره لم يكن عوضا ويمكن نقض هذا بالعوض المأخوذ بالمعاطاة على القول بإفادتها للإباحة، {2} فإنه
يجوز أن يشتري به شيئا لنفسه على ما في المسالك من
جواز جميع التصرفات باجماع القائلين بصحة المعاطاة وأيضا، فقد ذكر جماعة منهم العلامة في المختلف وقطب الدين والشهيد على ما حكى عنهما، أن مال الغير المنتقل عنه بإزاء ما اشتراه عالما بكونه مغصوبا باق على ملكه، ويجوز لبائع ذلك المغصوب التصرف فيه بأن يشتري به شيئا لنفسه ويملكه بمجرد الشراء، قال في المختلف، بعدما نقل عن الشيخ في النهاية: إنه لو
غصب مالا واشترى به جارية كان
الفرج له حلالا، وبعد ما نقل مذهب الشيخ في ذلك في غير النهاية ومذهب الحلي أن كلام النهاية يحتمل أمرين.
أحدهما: اشتراء الجارية في الذمة، كما ذكره في غير النهاية.
____________________
{1} الرابع: ولو دفع إلى من له عليه طعام دراهم وقال: اشتر بها لنفسك طعاما فهل يصح، أم لا وجهان مبنيان على ما حقق في أول البيع من: أن حقيقته هي المعاوضة المقتضية لدخول العوض في كيس من خرج المعوض عن كيسه، أم حقيقته الاعطاء لا مجانا غير المقتضي لذلك، فعلى الأول لا يصح، وعلى الثاني يصح، وحيث إن المختار هو الثاني كما تقدم فالأظهر هي الصحة، وعليه فهل يصير المبيع حينئذ عوضا عما في ذمته من الطعام أم لا؟ الظاهر ذلك، فإن في وفاء الدين لا يعتبر كون ما يوفي به ملكا للمديون ويصح أداء الغير من ماله، {2} وأما مسألة المعاطاة والمقبوض بالعقد الفاسد ولو من جهة الغصبية مع العلم بذلك فقد تقدم الكلام فيهما مفصلا في الجزء الأول من هذا الشرح.