وعن موضوع من الغنية قد قدمنا أن تعليق البيع بأجلين وثمنين، كقوله بعت إلى مدة بكذا وإلى أخرى بكذا يفسده، فإن تراضيا بإنفاذه كان للبائع أقل الثمنين في أبعد الأجلين بدليل اجماع الطائفة، وعن سلار ما علق بأجلين وهو أن يقول: بعتك هذه السلعة إلى عشرة أيام بدرهم وإلى شهرين بدرهمين كان باطلا غير منعقد، وهو المحكي عن أبي الصلاح. وعن القاضي: من باع شيئا بأجلين على التخيير مثل أن يقول أبيعك هذا بدينار أو بدرهم عاجلا وبدرهمين أو دينارين إلى شهر أو شهور أو سنة أو سنتين كان باطلا، فإن أمضى البيعان ذلك بينهما كان للبائع أقل الثمنين في آخر الأجلين.
وقال في المختلف بعد تقوية المنع: ويمكن أن يقال إنه رضي بالثمن الأقل، فليس له الأكثر في البعيد وإلا لزم الربا إذ يبقى الزيادة في مقابل تأخير الثمن لا غير، فإذا صبر إلى البعيد لم يجب له الأكثر من الأقل، انتهى.
وفي الدروس: إن الأقرب الصحة ولزوم الأقل ويكون التأخير جائزا من طرف المشتري، لازما من طرف البائع لرضاه بالأقل، فالزيادة ربا. ولذا ورد النهي عنه وهو غير مانع من صحة البيع، انتهى.
أقول لكنه مانع من لزوم الأجل من طرف البائع، لأنه في مقابل الزيادة الساقطة شرعا إلا أن يقال: إن الزيادة ليست في مقابل الأجل بل هي في مقابل اسقاط البائع حقه من التعجيل الذي يقتضيه العقد لو خلي وطبعه، والزيادة وإن كانت لكنة ربا كما سيجئ إلا أن فساد المقابلة لا يقتضي فساد الاسقاط، كما احتمل ذلك في مصالحة حق القصاص بعبد يعلمان استحقاق الغير له أو حريته، بل قال في التحرير بالرجوع إلى الدية، وحينئذ فلا يستحق البائع الزيادة ولا المطالبة قبل الأجل، لكن المشتري لو أعطاه وجب عليه القبول، إذ لم يحدث له بسبب المقابلة الفاسدة حق في التأجيل حتى يكون له الامتناع من القبول قبول الأجل، وإنما سقط حقه من التعجيل.
ويمكن أيضا حمل الرواية على أن الثمن هو الأقل، لكن شرط عليه أن يعطيه على التأجيل شيئا زائدا، وهذا الشرط فاسد لما سيجئ من أن تأجيل الحال بزيادة ربا محرم،