منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ٦ - الصفحة ٣٥٣
واستدل عليه مع ذلك بأنه حق للميت، فيورث لظاهر القرآن، {1} وتبعه بعض من تأخر عنه، وزيد عليه الاستدلال بالنبوي، ما ترك الميت من حق فلوارثه. {2} أقول الاستدلال على هذا الحكم بالكتاب والسنة الواردين في إرث ما ترك الميت يتوقف على ثبوت أمرين:
أحدهما: كون الخيار حقا لا حكما شرعيا كإجازة العقد الفضولي، وجواز الرجوع في الهبة وسائر العقود الجائزة، فإن الحكم الشرعي مما لا يورث، وكذا ما تردد بينهما للأصل، وليس في الأخبار ما يدل على ذلك عدا ما دل على انتفاء الخيار بالتصرف، معللا بأنه رضا كما تقدم في خيار الحيوان
____________________
ويمكن أن يستدل له: بأن لزوم البيع حقي لا حكمي، ولذا يكون جعل الخيار فيه مشروعا نصا وفتوى، فكذلك الخيار الذي يقابله، بل نفس مشروعية جعل الخيار دليل كونه حقا، لأن الحكم أمره بيد جاعله، وهو الشارع، ولا يعقل التسبيب إليه بايجاده. هذا كله مضافا إلى تسالم الأصحاب على ترتيب آثار الحق عليه.
وأما الثاني: فحيث إن جملة من الحقوق لا تكون قابلة للانتقال أو الانتقال بالإرث من جهة كون الموضوع مقوما كحق التولية الملحوظ فيه شخص خاص، أو البلد، أو كونه مغيا بغاية يستحيل عدم تحققها بعد الموت، كخيار المجلس المغيا بالافتراق المتحقق بالموت قهرا، ومثل هذه الحقوق لا تورث، فلا بد من اثبات أن حق الخيار ليس من قبيل هذه الحقوق بل هو حق قابل للانتقال بالإرث ويكون باقيا بعد الموت.
{1} ودعوى أن عمومات الإرث مثل قوله تعالى (فإن كن نساءا فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك) (1) وقوله عز وجل (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) (2).
{2} والنبوي: ما تركه الميت من مال فلوارثه (3). تكفي لاثبات كونه قابلا للانتقال

(١) النساء آية ١١.
(٢) النساء آية ١٢.
(٣) أصول الكافي ج ١ ص ٤٠٦.
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست