ولا جل صعوبة دفع ما ذكرنا من الاشكال في تميز مقتضيات ماهية العقد من مقتضيات اطلاقه. التجأ المحقق الثاني مع كمال تبحره في الفقه، حتى ثنى به المحقق فأرجع هذا التمييز عند عدم اتضاح المنافاة وعدم الاجماع على الصحة أو البطلان إلى نظر الفقيه فقال: أولا المراد بمنافي مقتضي العقد ما يقتضي عدم ترتب الأثر الذي جعل الشارع العقد من حيث هو هو، بحيث يقتضيه ورتب عليه على أنه أثره وفائدته التي لا جلها وضع، كانتقال العوضين إلى المتعاقدين، واطلاق التصرف فيهما في البيع، وثبوت التوثق في الرهن والمال في ذمة الضامن بالنسبة إلى الضمان، وانتقال الحق إلى مذمة المحال عليه في الحوالة ونحو ذلك، فإذا شرط عدمها أو عدم البعض أصلا نافى مقتضى العقد.
ثم اعترض على ذلك بصحة اشتراط عدم الانتفاع زمانا معينا، وأجاب بكفاية جواز الانتفاع وقتا ما في مقتضى العقد، ثم اعترض بأن العقد يقتضي الانتفاع مطلقا، فالمنع عن البعض مناف له.
ثم قال ودفع ذلك لا تخلو عن عسر، وكذا القول في نحو خيار الحيوان مثلا، فإن ثبوته مقتضى العقد، فيلزم أن يكون شرط سقوطه منافيا له. ثم قال ولا يمكن أن يقال: إن مقتضى العقد ما لم يجعل إلا لأجله، كانتقال العوضين، فإن ذلك ينافي منع اشتراط أن لا يبيع المبيع مثلا، ثم قال والحاسم لمادة الاشكال: إن الشروط على أقسام:
منها ما انعقد الاجماع على حكمه من صحة أو فساد.
ومنها ما وضح فيه المنافاة للمقتضي، كاشتراط عدم ضمان المقبوض بالبيع أو وضح مقابله ولا كلام فيما وضح.
ومنها ما ليس واحدا من النوعين فهو بحسب نظر الفقيه، انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول: وضوح المنافاة إن كان بالعرف، كاشتراط عدم الانتقال في العوضين، وعدم انتقال المال إلى ذمة الضامن والمحال عليه، فلا يتأتى معه انشاء مفهوم العقد العرفي، وإن كان بغير العرف فمرجعه إلى الشرع من نص أو اجماع على صحة الاشتراط أو عدمه، ومع عدمهما وجب الرجوع إلى دليل اقتضاء العقد لذلك الأثر المشترط عدمه، فإن دل عليه على وجه يعارض باطلاقه أو عمومه دليل وجوب الوفاء به. بحيث لو أوجبنا الوفاء به وجب طرح عموم ذلك الدليل وتخصيصه حكم بفساد الشرط، لمخالفته حينئذ للكتاب والسنة