والاستطاعة تتناول القدرة وجميع ما يحتاج إليه، فيجب أن يكون من شرطه.
وأيضا روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " الاستطاعة الزاد والراحلة " لما سئل عنها. روي ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وابن مسعود، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وجابر بن عبد الله، وعائشة، وأنس بن مالك، ورواه أيضا علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله.
مسألة 5: إذا وجد الزاد والراحلة، ولزمه فرض الحج، ولا زوجة له، بدأ بالحج دون النكاح، سواء خشي العنت أو لم يخش.
وقال الأوزاعي: إن خشي العنت فالنكاح أولى، وإن لم يخف العنت فالحج أولى.
وقال أصحاب الشافعي: ليس لنا فيها نص، غير أن الذي قاله الأوزاعي قريب.
دليلنا: قوله تعالى: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " وهذا قد استطاع، فمن أجاز تقديم النكاح عليه فعليه الدلالة، على أن الحج فرض عند وجود الزاد والراحلة، وحصول كمال الاستطاعة بلا خلاف، وهو على الفور عندنا على ما سنبينه، والنكاح مسنون عند الأكثر، فلا يجوز له العدول عن الفرض إلى النفل إلا بدليل.
مسألة 6: الذي لا يستطيع الحج بنفسه، وأيس من ذلك إما بأن لا يقدر على الكون على الراحلة، أو يكون به سبب لا يرجى زواله وهو العضب، والضعف الشديد من الكبر، أو ضعف الخلقة بأن يكون ضعيف الخلقة في بدنه لا يقدر أن يثبت على مركب، يلزمه فرض الحج في ماله بأن يكتري من يحج عنه فإن فعل ذلك سقط الفرض وبه قال في الصحابة علي عليه السلام، وفي الفقهاء الثوري، وأبو حنيفة، وأصحابه، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.