فإذا فرع من الطواف فليرجع إلى منى، ولا يبيت ليالي التشريق إلا بمنى، فإن بات في غيرها كان عليه دم شاة، وإن بات بمكة ليالي التشريق مشتغلا بالطواف والعبادة لم يكن عليه شئ، وإن كان بغير ذلك كان عليه ما ذكرناه، وإن خرج من منى بعد نصف الليل جاز له أن يبيت بغيرها غير أنه لا يدخل مكة إلا بعد طلوع الفجر، وإن تمكن أن لا يخرج منها إلا بعد طلوع الفجر كان أفضل.
من بات عن منى ليلة كان عليه دم شاة على ما قدمناه، وإن بات عنها ليلتين كان عليه دمان، فإن بات ليلة الثالثة فلا يلزمه شئ لأن له النفر في الأول - والنفر الأول يوم الثاني من أيام التشريق بلا خلاف، والنفر الثاني يوم الثالث من أيام التشريق - وقد روي في بعض الأخبار أن من بات ثلاث ليال عن منى فعليه ثلاث دماء، وذلك محمول على الاستحباب أو على من لم ينفر في النفر الأول حتى غابت الشمس، فإنه إذا غابت الشمس ليس له أن ينفر، فإن نفر فعليه دم.
والأفضل أن لا يبرح الإنسان من منى أيام التشريق، فإن أراد أن يأتي مكة للطواف بالبيت تطوعا جاز، والأفضل ما قدمناه.
والواجب عليه أن يرمي ثلاثة أيام التشريق - الثاني من النحر والثالث والرابع - كل يوم إحدى وعشرين حصاة، ثلاث جمار، كل جمرة منها بسبع حصيات، ويكون ذلك عند الزوال فإنه أفضل، فإن رماها بين طلوع الشمس إلى غروبها لم يكن به بأس.
فإذا أراد أن يرمي بدأ بالجمرة الأولى ورماها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات، يرميهن خذفا على ما قدمناه، ويكبر مع كل حصاة ويدعو بما قدمناه، ثم يقوم عن يسار الطريق ويستقبل القبلة ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم يتقدم قليلا ويدعو ويسأله أن يتقبل منه، ثم يتقدم أيضا ويرمي الجمرة الثانية ويصنع عندها كما صنع عند الأولى ويقف ويدعو، ثم يمضي إلى الثالثة فيرميها كما رمى الأولتين ولا يقف عندها.