وقيل: إنه نهي من الله تعالى عن الجهر العظيم في حال الصلاة وعن المخافتة الشديدة، وأمر بأن يتخذ بين ذلك طريقا وسطا، فأقل الجهر أن تسمع من يليك، وأكثر المخافتة أن تسمع نفسك، ولا مانع من الحمل على القولين لعمومه.
وعن ابن عباس: إن النبي ع بمكة كان إذا صلى يجهر بصلاته على المأمور، فسمع له المشركون فشتموه وآذوه وآذوا أصحابه، فأمره الله بترك الجهر.
وعن عائشة: المراد بالصلاة ههنا الدعاء، أي لا تجهر بدعائك ولا تخافت به ولكن بين ذلك، ويجوز أن يكون جميع ما ذكرناه مرادا، لأنه لا مانع.
وقال قوم: هذا خطاب لكل واحد من المصلين، والمعنى لا تجهر أيها المصلي بصلاتك تحسنها مراءاة في العلانية ولا تخافت بها تسئ في القيام بها في السريرة.
وصلاة الغداة يجهر بها وإن كانت من صلاة النهار، لأن النبي ع صلاها في غلس الصبح.
فصل:
وقال قوم: يمكن أن يستدل على أن الصلاة على النبي وآله في التشهد واجب بقوله:
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، وهو أمر، وهو في الشرع على الوجوب، والإجماع حاصل باستحباب الصلاة على النبي وآله في كل موضع وعلى كل حال.
ووجوبها لا يعتبر إلا في التشهد والقنوت في كل صلاة مستحب في الموضع المخصوص منها، يدل عليه قوله تعالى: وقوموا لله قانتين. قال صاحب العين: القنوت في الصلاة دعاء بعد القراءة في آخر الركعتين يدعو قائما.
فإذا قيل: القنوت هو القيام الطويل هاهنا، قلنا: المعروف في الشريعة أن هذا الاسم يختص الدعاء، ولا يعرف من إطلاقه سواه. على أنا نحمله على الأمرين لأنه عام.
ويجوز الدعاء في الصلاة أين شاء المصلي منها، والحجة - بعد إجماع الطائفة - ظاهر أمر الله بالدعاء على الإطلاق، قال تعالى: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن، وقال: ادعوني أستجب لكم.