والعلامات وتساوت في ظنه الجهات كان عليه أن يصلى إلى أربع جهات يمينه وشماله وأمامه ووراءه تلك الصلاة بعينها وينوي لكل صلاة منها أداء فرضه ولا شئ عليه غير ذلك.
فمن لم يتمكن من الصلاة إلى الجهات الأربع لمانع من ضيق وقت أو خوف صلى إلى أي جهة شاء وليس يلزمه مع الضرورة غير ذلك، فإن أخطأ القبلة وظهر له بعد صلاته أعاد في الوقت بغير خلاف، فإن كان قد خرج الوقت فلا إعادة عليه.
على الصحيح من المذهب لأن الإعادة فرض ثان يحتاج إلى دليل قاطع للعذر، وقد روي: أنه إن كان خطاؤه بأن استدبر القبلة صلى على كل حال، والأول هو المعمول عليه ووافقنا فيما ذهبنا إليه مالك، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن صلاته ماضية ولا إعادة عليه على كل حال. وقال الشافعي في الجديد: إن من أخطأ القبلة ثم تبين له خطاؤه لزمه الإعادة على كل حال، وقوله في القديم مثل قول أبي حنيفة.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع قوله تعالى: وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره، فأوجب التوجه على كل مصل إلى شطر البيت، فإذا لم يفعل ذلك كان الأمر عليه باقيا فيلزمه الإعادة. فإن قيل: الآية تقتضي وجوب التوجه على كل مصل وليس فيها دلالة على أنه إذا لم يفعل لزمته الإعادة، قلنا: لم نحتج بالآية على وجوب القضاء وإنما بينا بالآية وجوب التوجه على كل مصل فإذا لم يأت بالمأمور به فهو باق في ذمته فيلزمه فعله، وليس لأحد أن يقول هذه الآية إنما يصح أن يحتج بها الشافعي لأنه يوجب الإعادة على كل حال في الوقت وبعد خروج الوقت وأنتم تفصلون بين الأمرين، فظاهر الآية تقتضي أن لا فصل بينهما فلا دليل لكم على مذهبكم في الآية قلنا: إنما أمر الله تعالى كل مصل للظهر مثلا بالتوجه إلى شطر البيت ما دام في الوقت ولم يأمره بالتوجه بعد خروج الوقت لأنه إنما أمر بأداء الصلاة لا بقضائها والأداء ما كان في الوقت والقضاء ما خرج عن الوقت، فهو إذا تحرى القبلة وصلى إلى جهة ثم تبين له الخطأ وتيقن أنه صلى إلى غير القبلة وهو في الوقت لم يخرج عنه، فحكم الأمر باق عليه ووجوب الصلاة متوجها إلى القبلة باق في ذمته وما فعله مأمور به ولا يسقط عنه الفرض فيجب أن يصلى ما دام الوقت وقت الصلاة المأمور بها وهي التي تكون إلى جهة الكعبة لأنه