أولا - لخلو بعض الإطلاقات عن تمام الإشكالات التي أشرنا إليها حتى في بادئ النظر، كقوله: "... إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا... " (1).
وثانيا - أن ما مضى من الإشكال على إطلاق مثل قوله: " تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل، ولا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين " - من أنها ليست بصدد بيان شرائط البينة من سائر الجهات غير نفوذ شهادة المسلمين على باقي الملل دون العكس - غير وارد، وذلك لأن شهادة السني مثلا إن لم تنفذ على الشيعي، فلا إشكال في نفوذها على السني، إذ ليس بأدون من شهادة اليهودي على اليهودي مثلا. فلو قلنا بشرط الإيمان فإنما هو بمعنى أن السني والشيعي بمنزلة ملتين، فمن هذا الباب لا تنفذ شهادة السني على الشيعي، وهذا الحديث من زاوية شهادة بعض أهل الملل على بعض بصدد البيان، فإطلاقه بهذا المقدار تام، وتراه قد فرض المسلمين ملة واحدة لا ملتين، أو عدة ملل، فمقتضى إطلاقه أن شهادة المسلم نافذة من أي مذهب كان من مذاهب الإسلام لو كان باقي الشرائط ثابتا فيه.
ولكن بالإمكان الجواب على هذا الوجه بأن الحديث إنما فرض المسلمين ملة واحدة في مقابل الكفار، أما كونهم فيما بينهم ملة واحدة بحيث تنفذ شهادة السني على الشيعي فغير معلوم، فغاية ما يدل عليه الحديث نفوذ شهادة السني على الكافر.
وثالثا - أن ما مضى من الإشكال على مثل قوله: " فيهودي أشهد على شهادة ثم أسلم... " مما دل على كفاية الإسلام حين أداء الشهادة من أنه ليس بصدد بيان سائر الشرائط، فلا يدل على نفي باقي الشرائط غير صحيح، وذلك لأن الإيمان أخص من الإسلام، فالمسلم قد يؤمن بولاية أئمة أهل البيت (عليهم السلام)،