يعلم أنه موضع المطالبة بالبينة وجب أن يقول الحاكم ذلك أو معناه، فإن لم تكن له بينة عرفه الحاكم أن له اليمين، ولا يحلف المدعى عليه إلا بعد سؤال المدعي لأنه حق له فيتوقف استيفاؤه على المطالبة ".
أقول: حاصل ما ذكره قدس سره أنه إن طرح المدعي دعواه عند الحاكم وقال المدعى عليه: لا حق له علي، فالمدعي إما لا يعلم بأن عليه إقامة البينة على ما يدعيه فحينئذ يطالبه الحاكم بإقامتها، وإما يعلم فلا يجب على الحاكم أن يطلب منه ذلك، فإن لم يكن عنده بينة على دعواه أو لم يقمها أعلمه الحاكم بأن له استحلاف المدعى عليه المنكر لدعواه، لأن ترتب الأثر على يمين المدعى عليه مشروط باستحلافه إياه، فلو حلف بدونه لم يترتب عليه أثر، وكذا لو استحلفه المدعي ولم يحلفه الحاكم، أو أحلفه الحاكم بدون استحلاف المدعي، فترتب الأثر على يمين المدعى عليه يتوقف على كلا الأمرين: استحلاف المدعي واحلاف الحاكم إياه بعد ذلك بإذن المدعي.
وهل المراد من قوله: " ولا يحلف المدعى عليه إلا بعد سؤال المدعي " وأن الحاكم لا يحلفه إلا بعد إذنه هو الأثر التكليفي أو الوضعي؟ أما تكليفا فلا أثر لليمين الواقعة بدون أحد الأمرين لأنها حينئذ لغو، بل قد يقال بحرمتها للنهي عن ذلك في الكتاب حيث قال عز وجل: " ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم " 1)، هذا بالنسبة