كما أن هذا الحق لا يجوز له منع المدعى عليه من الحلف إن أراد أن يحلف، بل هو كحق الدائن على المدين حيث لا يجوز له أن يمنعه عن أداء الدين إليه إلا بقصد اسقاط حقه وابراء ذمته، أو بقصد التنازل عن حقه والعدول عن مطالبته فيما نحن فيه، وأما بقصد ابقاء النزاع والخصومة فلا.
وقد اعترض في الجواهر على استدلالهم بما ذكر بأن ذلك يقتضي عدم تحليفه مع عدم رضاه لا عدمه مطلقا حتى مع قيام شاهد الحال، وذلك لأن الحق كالمال، فكما يجوز بعض التصرف في مال الغير برضاه ولو بشاهد الحال فكذلك الحق ولا يلزم الإذن الصريح منه بالحق، وعليه فإن مجيئه بالخصم إلى الحاكم وطرح الدعوى عنده يكفي شاهدا على رضاه باحلاف المدعى عليه والحكم في القضية.
ومن هنا قال في الجواهر: فالأولى الاستدلال لذلك بعد لاجماع بظاهر النصوص الآتية في اشتراط الرضا الذي لا بد من العلم به، وشاهد الحال إنما يفيد الظن فتأمل.
أقول: إذن لا بد من النظر في الأخبار، وقد وجدنا هذه الأخبار دالة على لزوم الاستحلاف، ثم إذا حلف ذهبت اليمين بحقه، فهذه الأخبار حيث ورد فيها الاستحلاف تكون بمنزلة الشارح لاطلاقات " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر " أو المبين لاجمالها، إذ تضمنت كيفية اليمين وأن المدعي يستحلف المنكر، فلو فرض