لكن الشيخ عمل في النهاية برواية السكوني، وعن ابن حمزة التفصيل بين ما إذا كان يتمكن من العمل فيستعمل، وما إذا كان عاجزا عن العمل فينظر حتى حصول الميسرة.
وقد رجح صاحب الجواهر الأولى على الثانية لموافقتها للكتاب، وقيل إن رواية السكوني غير مخالفة للكتاب حتى ترجح الأولى عليها لأن المتمكن من العمل ليس معسرا، وبهذا المعنى صرح العلامة في المختلف، ولذا لا يستحق الزكاة لأنه واجد للمال بالقوة.
أقول: إن كان لفظ " المعسر " ظاهرا فيمن ليس واجدا للمال فعلا سواء تمكن من تحصيله بسهولة أو لا وافقت الرواية الأولى لظاهر الكتاب، وإن ظاهرا فيمن ليس واجدا للمال ولو بالقوة لم توافقه، والظاهر أن " المعسر " هو الذي ليس عنده مال ولا يمكنه تحصيله، لأن أكثر الناس يحصلون مؤنتهم عن طريق العمل وإجارة أنفسهم في مختلف الصنائع والحرف والأشغال.. لكن رواية السكوني تخالف الكتاب من جهة أخرى، وذلك أنها تدل على تسليمه إلى الغرماء وليس في الكتاب دلالة على ذلك.
ويحتمل أن تكون رواية السكوني موافقة للأصل، فإنه إذا كان مال المدين أقل من حقوق الغرماء أو مساويا لها منعه الحاكم عن التصرف في ماله مع مطالبة الغرماء لحقوقهم، لأن تصرفه في ماله يوجب الضرر في حقوق أولئك إلا أن يأذنوا بذلك، فلو كان المدين ذا صنعة وحرفة لها مالية يبذل بإزائها المال والغرماء يطالبون بحقوقهم