باطلاقها تعم ما إذا كان البذل لإحقاق الحق، لا يقال: إنها واردة في مورد الآية الكريمة. لأنه يحتمل أن يكون قيد " بالإثم " غالبيا، لأن غالب الراشين يتوصلون بالرشوة إلى أكل مال الناس وابطال حقوقهم.
فظهر أن الرشا في الحكم مطلقا - أي حقا كان الحكم أو باطلا - حرام بالكتاب والسنة، وأما إذا توقف إحقاق الحق على بذل شئ بحيث لو لم يبذله لوقع في الضرر العظيم وضاع حقه - جاز البذل لتقدم قاعدة نفي الضر حينئذ، نظير ما قد يبذل للظالم مال دفعا لأذاه وتحفظا من ضرره.
حكم الرشوة في غير الحكم:
وأما في غير الأحكام فإن أخبار الرشوة وإن كانت واردة في مورد الحكم والأحكام إلا أن مقتضى اطلاق بعض تلك الأخبار هو حرمتها في غير الأحكام أيضا، فقد روى الشيخ الصدوق " قده " عن الأصبغ ابن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: " أيما وال احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه، وإن أخذ هدية كان غلولا، وإن أخذ الرشوة فهو مشرك " 1).
فهل تقيد اطلاق الرواية بالروايات المقيدة أو أن ظهورها آب عن التقييد؟ الظاهر هو الثاني، و " حوائج الناس " يعم غير الأحكام كما لا يخفى.