عدم دلالة الأخبار على تأثير اليمين بدون استحلاف المدعي فلا ريب في أن القدر المتيقن من مدلولها كون يمين المنكر بمطالبة المدعي. وبهذا البيان يتم دلالة هذه الأخبار بظاهرها على ما ذهب إليه الأصحاب، ويكون ما نحن فيه نظير المعاملات، فإن العلم برضا صاحب المال ببيع ماله لا يكفي لجوازه بل لا بد من اظهار رضاه الباطن والتصريح به. ولعل السر في ذلك أنه كثيرا ما يندم البائع عن بيع متاعه فمع التصريح بالإذن والرضا لا يؤثر ندمه، بخلاف ما إذا أريد الاعتماد على رضاه فيمكنه انكار الرضا أصلا ولا طريق إلى اثبات الرضا الباطني، وهنا كذلك فإنه إذا قال له احلف لم يبق له مجال بعدئذ للانكار بخلاف ما إذا أريد الاستناد إلى الرضا.
فحاصل المستفاد من الأخبار أن لاستحلاف المنكر موضوعية في قبول حكم الحاكم في تلك القضية.
هذا وليس في الروايات أن يقول المدعي للحاكم: أحلفه، بل فيها أنه يستحلف المنكر، بل في بعض الروايات أنه بنفسه يقول للمنكر: احلف، فما الدليل على أن استحلافه إياه هو أن يقول للحاكم: حلفه؟ وأن على الحاكم الاستيذان منه في احلاف المنكر؟
وحيث لا دلالة في الأخبار على اشتراط الإذن فما هو وجه القول بعدم الاعتداد بيمين المنكر مع عدم إذن المدعي؟ ثم إنه إذا أحلفه في حضور الحاكم وحلف فما الدليل على عدم صدق الاستحلاف