على المدعي لا المنكر، لكنا ذكرنا سابقا بأن اليمين توجب الاطمئنان نوعا بصدق الحالف وإن الامتناع منها يكشف - نوعا - عن الكذب، فهي مؤثرة وجودا وعدما، فميزان القضاء هو بينة المدعي ويمين المنكر أو نكوله عن اليمين..
لو بذل اليمين بعد النكول:
وكيف كان فقد قال المحقق: " ولو بذل المنكر يمينه بعد النكول لم يلتفت إليه ".
أقول: لو بذل المنكر يمينه فإن كان بذله لها بعد حكم الحاكم بنكوله فلا ريب في عدم الالتفات إليها، وهو المشهور بل عليه الأكثر بل ادعي عليه الاجماع، لأن الحكم قد فصل الخصومة وقطع النزاع ولا يجوز نقضه، وإن كان بذله قبل الحكم وبعد النكول فكذلك، لأن النكول حينئذ كاليمين والاقرار والبينة في تعقب الحكم له من دون حالة منتظرة، فلا أثر لبذل اليمين - بمعنى حلفه هو أو رد اليمين على المدعي - ولا يلتفت إليه، إنما الكلام في كيفية تحقق النكول، فالمحقق " قده " على أنه يقول له الحاكم:
إن حلفت وإلا جعلتك ناكلا ويكرر ذلك ثلاثا، واكتفى صاحب الرياض بالمرة الواحدة، وعن كاشف اللثام أنه لا يجب إلا الأمر بالحلف لا قوله: إن حلفت وإلا جعلتك ناكلا ولا مرة، وهو الأظهر.
وأما بناء على القول الثاني من أنه لا يحكم عليه بالنكول بل ترد اليمين على المدعي فيلتفت إليه، لأنه يكون حينئذ كالبذل قبل