حقا لا ينافي أن لا يكون أداء هذا الحق موقوفا على إذنه أو مطالبته ولا يستلزم أن يكون حراما بدون ذلك، فالصحيح الرجوع إلى الأدلة أو الأصول، وحيث لا دليل في المسألة فإن الأصل مع الشك في الحرمة هو عدم الحرمة، ومع الشك في الوجوب فهو عدم الوجوب إلا أن يستفاد الوجوب من اطلاقات أدلة الحكم والقضاء - فمقتضى الأصل هو جواز الحكم من دون مسألة المدعي هذا من الناحية التكليفية، وأما وضعا فالأصل مع الشك هو عدم نفوذ هذا الحكم لكن ظاهر مقبولة عمر بن حنظلة " فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه.. " هو الاطلاق، فليس الحكم مقيدا بالمطالبة والمسألة من المدعي.
هذا مع أن الحكم قد يكون حقا للمنكر كما إذا لم يقم المدعي البينة فيحلف المدعى عليه، فإن الحكم حينئذ حق للمدعى عليه لا للمدعي. نعم يجوز لمن كان حقا له أن لا يطالب بحقه أو يسقطه إن كان قابلا له.
إذن يمكن القول بجواز الحكم مع عدم المطالبة، إلا أن يقال بوجوبه حينئذ أيضا تمسكا باطلاقات الآيات والروايات فيقال بأن الحكم وظيفة الحاكم بعد تمامية المقدمات سواء سئل بذلك أو لا، وأما مع المطالبة فالحكم واجب بلا كلام.
قال: " وصورة الحكم أن يقول: ألزمتك.. ".
أقول: كل لفظ ظاهر في الحكم صدر بقصد الانشاء فهو الحكم وأما " ثبت عندي " ونحوه فليس صورة له لعدم ظهوره فيه.