سنان رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وقال: سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقيه أو مستنقع ما يغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مدا للوضوء وهو متفرق فكيف يصنع وهو يتخوف أن يكون السباع قد شربت منه.
فقال: إن كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة فلينضحه خلفه وكفا أمامه وكفا عن يمينه وكفا عن شماله فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده بيده فإن ذلك يجزيه وإن كان الوضوء غسل وجهه ومسح يده على ذراعيه ورأسه ورجليه وإن كان الماء متفرقا فقدر أن يجمعه وإلا اغتسل من هذا ومن هذا وإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه فإن ذلك يجزيه (1) فإن قوله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه كالصريح في جواز الاغتسال بالماء الذي اغتسل به ولكن الرواية محمولة على الضرورة كما هي ظاهرة فيها فإن قوله وإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله الخ كالصريح في أن موردها في جواز الاغتسال بالماء الذي رجع من الغسل وهو صورة عدم كفاية الماء ولكن يمكن أن يقال: إنه لا ضرورة هنا أي في صورة عدم كفاية الماء لغسله لامكان الادهان بهذا الماء الذي لا يكفيه للغسل على النحو المتعارف فإن هذا المقام مقام الادهان فالادهان يرفع الضرورة إلى استعمال الماء المستعمل فتجويز استعمال هذا الماء المستعمل مع امكان الادهان يستلزم تجويزه مطلقا.
مع أنه قيل بعدم القول بالفصل بين الضرورة وغيرها فح أي حين تعارض رواية عبد الله بن سنان مع هذه الرواية لا بد من حمل أحدهما على الأخرى فنقول: إنه يمكن حمل رواية عبد الله بن سنان على الكراهة أي كراهة التوضؤ بالماء المستعمل في رفع الجنابة بل كراهة رفع الحدث مطلقا بالماء المذكور بقرينة هذه الرواية الصحيحة الدالة على الجواز صريحا.
إلى هنا انتهت المباحث المتعلقة بأقسام المياه وأحكام المياه المستعملة في رفع الحدث والخبث وبقي من أقسام المياه التي لم نتعرض لأحكامها الماء الجاري وماء الحمام والماء المضاف.