ولكن لا يخفى على من لاحظ الرواية أنها في مقام بيان أحكام الحائض وذكر بعض أحكام الاستحاضة استطرادا والذي يدل على ذلك أنه عليه السلام لم يتعرض لوجوب الغسل عليها فإن قوله عليه السلام تغتسل المراد منه غسل الحيض ظاهرا فح نقول: قوله عليه السلام وإن سال مثل لمثعب يحتمل قويا إرادة وجوب الصلاة عليها في أيام استحاضتها في مقابل وجوب قعودها عن الصلاة في أيام حيضها يعني تجب عليها بعد انقضاء أيام حيضها الصلاة وإن لم ينقطع الدم عنها بل وإن سال مثل المثعب. لا أنه يجب عليها الوضوء وإن سال مثل المثعب (كذا في المسودة بخط الحقير نقلا عن الأستاذ دام علاه ولكن يرد عليه أن قوله عليه السلام: وتتوضأ لكل صلاة صريح في وجوب الوضوء لكل صلاة والظاهر أن المراد الوضوء بعد غسل الاستحاضة لا الوضوء بعد غسل الحيض بقرينة قوله عليه السلام لكل صلاة فإن الوضوء الواحد بعد غسل الحيض كاف لصلاتين بل لأكثر ما لم يتخلل بينهما الحدث ولا نحتاج إلى تكرار الوضوء لكل صلاة).
نعم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لحمنة بنت جحش في نفس هذه المرسلة حيث أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت: إني استحضت حيضة شديدة فقال: لها: احتشي كرسفا فقالت: أنه أشد من ذلك إني أثجه ثجا فقال لها: تلجمي وتحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي غسلا وصومي ثلاثة وعشرين يوما أو أربعة (أربعا خ ل) وعشرين واغتسلي للفجر غسلا وأخري الظهر وعجلي العصر واغتسلي غسلا وأخري المغرب وعجلي العشاء واغتسلي.
فإنه في مقام بيان أحكام المستحاضة ولم يتعرض لوجوب الوضوء عليها مع أنه في مقام البيان فيحتمل أن يكون المراد بالوضوء في قوله عليه السلام: وتتوضأ الوضوء المتعارف لا الوضوء لرفع حدث الاستحاضة أو يكون المراد من الوضوء الوضوء لحدث الاستحاضة لكن لبعضها كالقليلة ولكن لم يبينه لأنه عليه السلام لم يكن بصدد بيان أحكام الاستحاضة.
وأما الاستدلال لوجوب الوضوء بقوله عليه السلام في مرسلة ابن أبي عمير كل غسل قبله الوضوء إلا غسل الجنابة (1) فقد مر في غسل الجنابة اختياره وأن رواية ابن أبي عمير وإن كانت مرسلة لكن المشهور قد عملوا بها وأفتوا بمضمونها ولم يعملوا بقوله عليه السلام: الغسل يجزي عن الضوء وأي وضوء أطهر من الغسل أو أنقى من الغسل (2) وقريب من سائر أخبار الباب مع أن بعضها صحاح فيعلم وجود علة في تلك الأخبار فالأحوط بل لا يخلو من قوة وجوب الوضوء في الاستحاضة الكثيرة أيضا.