حيث إن الظاهر بحسب الغالب هو بقاء بقايا المني في المخرج عند عدم البول وهل يكون هذا الحكم المستفاد من الأخبار أصلا أو أمارة - الظاهر هو الثاني لأن كل واحد من الأصل والأمارة وإن كان موردهما الشك إلا أن الأصل ما أخذ الشك في موضوعه مثل قوله (عليه السلام) إذا شككت بين الثلاث والأربع فابن على الأربع.
وحيث إن موضوع الحكم في هذه الأخبار لا يكون شكا فلا بد من أن يكون أمارة على كون ما خرج منيا فح يترتب على ما خرج جميع أحكام المني من نجاسته ووجوب تطهيره للصلاة وكذا يترتب على الغسل منه جميع آثار الغسل من جواز الاكتفاء به للصلاة وغير ذلك لأن الأمارة ولوازمها الشرعية والعقلية والعادية حجة وهذا بخلاف ما إذا كان أصلا فإنه إذا استفدنا من الأخبار بأنه أصل شرعي فإنه لا يترتب على ما خرج سوى وجوب الاغتسال منه حتى في جواز الاكتفاء به للصلاة عن الوضوء إذا قلنا بكونه أصلا اشكال لأن الأصل لا يثبت به لوازمه العقلية والعادية بل ولا الشرعية إلا على القول بحجية الأصل المثبت وقد حقق في محله عدم حجيته.
ثم اعلم أنه يستفاد من بعض الأخبار المتقدمة أن الجنب إذا بال واغتسل ثم رآى بللا أنه يجب عليه الوضوء من غير تفصيل بين ما إذا استبرأ من البول بالخرطات أولا ولكن يعارض هذا الاطلاق ما في كثير من الأخبار المعتبرة الصريحة من عدم إعادة الوضوء لمن استبرأ من البول ثم رآى بللا مشتبها مثل رواية عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال: إذا بال فخرط ما بين المقعدة والأنثيين ثلاث مرات وغمز ما بينهما ثم استنجى فإن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي (1).
ومثل رواية محمد بن مسلم قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: رجل بال ولم يكن معه ماء قال: يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلاث عصرات وينتر طرفه فإن خرج بعد ذلك شئ فليس من البول ولكنه من الحبائل (2) ونحوهما غيرهما من الأخبار.
فربما يقال: إنه لا بد من طرح تلك الأخبار الآمرة بالوضوء لكون هذه الأخبار معمولا بها بين الأصحاب وموافقة للاجماع بخلاف تلك أقول: إنه لا حاجة إلى طرح تلك