فإن حمل هذين الخبرين على الجزء الأخير من البدن حتى يحصل البدأة من الأعلى خلاف الظاهر بل يمكن أن يستفاد منهما عدم وجوب الترتيب لأن اللمعة التي كانت في بدنه التي لم يصبها الماء لم يبينها الإمام عليه السلام بأنها كانت في اليسرى أو غيرها فاطلاقها يفيد عدم الفرق بين اليسرى وغيرها لأنه إذا كان هذا الحكم مختصا باليسرى ولم ينبهه الإمام عليه السلام على ذلك مع أنه (عليه السلام) كان في مقام البيان كان اغراءا بالجهل والقاء للسامع في خلاف الواقع ومحال وقوع ذلك منه عليه السلام فتأمل.
فرع: إذا علم بعد الفراغ من الغسل أنه لم يصب الماء لمعة من بدنه ولم يدر أنها في أي موضع هي فإن قلنا بعدم وجوب الترتيب يكفي غسل ما احتمل أنه لم يغسله ولا يجب غسل العضو اللاحق بتمامه بعد ذلك مثلا إذا تيقن أنه ترك إما غسل منكبه الأيمن أو منكبه الأيسر يكفي - بناء على عدم وجوب الترتيب - غسل المنكب الأيمن أو المنكب الأيسر ولا يجب إعادة الشق الأيسر بتمامه.
وأما إذا قلنا بوجوب الترتيب بعد غسل المنكب الأيمن فلا بد من الإعادة على الأيسر بتمامه ولكن يمكن أن يقال: إنه يكفي غسل المنكب الأيسر فقط كما ذكره بعض الفقهاء بأن يقال: إنه بعد ما علم اجمالا بعدم غسل المنكب الأيمن أو الأيسر يعلم تفصيلا وجوب غسل المنكب الأيسر لا محالة لأن المنكب الأيسر إما واجب الغسل لأجل عدم غسله أو لأجل فوات الترتيب بين الأيمن والأيسر لعدم غسل الأيمن قبل الأيسر فيصير وجوب غسل الأيسر معلوما تفصيلا ووجوب غسل المنكب الأيمن مشكوكا بالشك البدوي فتجري فيه أصالة البراءة فيجب عليه غسل المنكب الأيسر فقط لا جميع الجانب الأيسر لأنه وإن كان يحتمل أن يكون وجوب غسل المنكب الأيسر لأجل فوات الترتيب بين الأيمن والأيسر ولازمه هو وجوب غسل تمام الجانب الأيسر لأن هذا الاحتمال أحد طرفي العلوم بالاجمال إلا أنه يصير من قبيل الأقل والأكثر الارتباطيين الذين يجري البراءة في أكثرهما على المختار.
فصل: لا يعتبر الموالاة في الغسل على القول المشهور فيجوز غسل الرأس في أول النهار وغسل الجانب الأيمن في وسطه والجانب الأيسر في آخره واستدل به بالأصل أي أصالة عدم وجوب الموالاة أو استصحاب عدم وجوبها بالعدم الأزلي وباطلاقات الأدلة من الآيات والروايات فإن قوله: ثم صب على رأسه ثلاث أكف وقوله: ثم صب على منكبه الأيمن مرتين