رواية أبي الجارود (1) عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى إنما الخمر (الخ) " وأما الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر " فيمكن حمل الروايات المتقدمة على بيان المراد من الآية كما يظهر منها، والروايتين المتقدمتين آنفا على تفسير الميسر مطلقا لا المراد بالآية، وأما الأخيرة فيحتمل فيهما أن يكون المراد بكل قمار كل آلة له بقرينة النرد والشطرنج، كما يحتمل أن يكون المراد بهما بقرينة كل قمار اللعب بهما ففيها اجمال.
بل يمكن أن يقال إن الروايات في تفسير الميسر على طوائف:
منها ما دلت على أنه الآلات كالروايات المتقدمة.
ومنها ما دلت على أنه الرهن، كصحيحة معمر بن خلاد (2) عن أبي الحسن عليه السلام قال " النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة وكل ما قومر عليه فهو ميسر "، ورواية العياشي في محكي تفسيره عن ياسر الخادم (3) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الميسر قال: " التفل من كل شئ قال: والتفل ما يخرج بين المتراهنين من الدرهم وغيره " وضبط التفل مختلف في الوسائل ففي مورد بالتاء والفاء وفي مورد بالثاء المثلثة والقاف، وفي مورد بالنون والعين ولم يظهر معنى مناسب في اللغة لما فسر في الرواية ومن المحتمل أن يكون بالنون والفاء محركة بمعنى الغنيمة فيكون ما بين المتراهنين نفل وغنيمة.
ومنها ما دلت على أنه الآلات والرهن جميعا كالمحكي عن تفسير العياشي (4) عن الرضا عليه السلام قال سمعته يقول " إن الشطرنج والنرد وأربعة عشر وكل ما قومر عليه منها فهو ميسر ". فإن الظاهر منه أن الشطرنج وتالييه ذاتهما ميسر وكل ما قومر عليه أيضا ميسر، وما قومر عليه هو الرهن، وارجاع أحد المعطوف والمعطوف عليه