بيان الحكم الواقعي في المستثنى والمستثنى منه، فإن أريد بما ذكر أن الاحراز غاية للحكم الواقعي فمع كونه خلاف ظاهر استثناء عنوان الطيب الظاهر في الواقعي منه لا احرازه كما في جميع العناوين المأخوذة في الأحكام: يلزم الالتزام بحرمة التصرف واقعا مع طيب نفس صاحب المال واقعا ما لم يحرز وهو كما ترى; ولا أظن التزامهم به.
وإن جعل احراز الطيب استثناء من الحكم الظاهري فلا حكم ظاهري مجعول إلا أن يجعل نفي الحل أعم من الظاهري والواقعي والاستثناء لخصوص الظاهري أو قيل بعموم المستثنى والمستثنى منه فيراد منه لا يحل المال واقعا وظاهرا إلا مع طيب نفسه واقعا فيحل واقعا وإلا مع احرازه فيحل ظاهرا، وكل ذلك تعسفات لا ينبغي التقول بها.
ثم الظاهر أن انتساب عدم الحل إلى ذات المال مبني على ادعاء وتنزيل كما في الأشباه والنظائر على ما هو التحقيق، لا على حذف المضاف كما قيل، فيكون مقتضى اطلاق التنزيل ونفي حلية الذات نفي حلية مطلق التصرفات.
ودعوى الانصراف إلى التصرفات الراجعة إلى نفع المتصرف لا ما يرجع إلى نفع صاحب المال (غير وجيهة) بل الظاهر منه تحديد حمى المالكية وتثبيت سلطنة المالك والمنع عن دخالة الغير في سلطانه، فلا وجه لدعوى الانصراف عن التصرف النافع له برغم أنفه المخالف لسلطنته، ومن غير فرق بين كون منعه لذلك لعرض عقلائي أو لا.
وأبعد منها دعوى كونه القدر المتيقن منه خصوصا مع عدم عموم لفظي إلا باعتبار حذف المتعلق الراجع في تشخيصه إلى العرف، فإن القدر المتيقن لا يضر بالاطلاق وإلا لما سلم اطلاقه في الفقه، وحذف المتعلق ممنوع كما أشرنا إليه، و بالجملة دعوى عدم حلية الذات إنما تحسن إذا كان جميع التصرفات غير حلال أو نزل حلالها منزلة العدم وهو يحتاج إلى دلالة.
نعم يمكن دعوى الانصراف عن مورد لم يكن في نفس المالك رضا ولا كراهة فعلا ولو ارتكازا إذا كان التصرف لمجرد الإيصال إليه بل يمكن الاستيناس للحكم