الابتلاء، فصحيحة أبي ولاد مخالفة لاستصحاب حرمة التصرف في المال وللعلم الاجمالي الموجب لسقوط اليد عن الاعتبار، لما عرفت من سقوطها ولو لم تكن الأطراف أو بعضها جائزة التصرف له.
إلا أن يقال: إن جريان الاستصحاب وسقوط اليد عن الاعتبار إنما هو في مورد علم اجمالا أن هذا المجاز أو الجائزة من مال الغير أو ذاك الذي تحت يد المجيز ويلحق به ما إذا لم يكن للمجيز معيشة إلا من الحرام كالسرقة وقطاع الطريق وغيرهما ممن كان طريق معاشه منحصرا في غير المشروع، وأما من كان له طرق مشروعة لمعاشه فيده معتبرة ولو علم اجمالا بأن في أمواله مغصوبا أو محرما، لما مر أن بناء العقلاء وسيرة المتشرعة علي معاملة الملكية مع ما في يد التاجر وغيره ولو مع العلم بأن في أمواله محرما، وتدل عليه الرواية المتقدمة في متولي مال الوقف.
فيمكن أن يقال في المقام إن مورد السؤال هو جائزة من يلي عمل السلطان و لا مكسب له غيره، والظاهر أن ضيق صدره لأجل اعتقاده بأن ما في يد العامل حرام نوعا ولو كان من قبيل الخراج والمقاسمة والزكاة، لعدم أهليتهم لأخذها، ولعله الظاهر من تقييده بأن لا مكسب له غير أعمالهم، وقد قلنا بسقوط اليد لدى العقلاء إذا كان ذو اليد ممن لا شغل له إلا الحرام.
والجواب بالحل لعله لأجل كون نوع ما في يد العمال من الخراج و المقاسمة والزكاة مما أخذها السلطان بدعوى ولايته الشرعية حلالا أخذه وشرائه وكان الزارع المأخوذ منه فارغ الذمة منها شرعا كما يأتي الكلام فيه.
فحينئذ يكون يد العامل الذي لا شغل له إلا عمل السلطان على الجوائز والأموال الآخر كيد التاجر الذي لا شغل له إلا التجارة وإن علم أن في تجارة هذا وما في يد ذاك محرما، فكما أن يد التاجر كاشفة عن ملكيته ومعتبرة لدى العقلاء والمتشرعة كذلك يد العامل على الأموال التي تحت استيلائه كاشفة عن كونه مأخوذة خراجا ومقاسمة ونحوهما لا ظلما وعدوانا; فهذه اليد معتبرة لدى العقلاء والمتشرعة بعد حلية ما ذكر وإن علم اجمالا أن في جملة الأموال التي تحت يدهم مالا مغصوبا.