وأما صحيحة الحلبي المتقدمة فالظاهر من قوله فيها: " فإن المال مالك " إن المختلط ماله واقعا، ولما كان احتمال كون الاختلاط من النوافق بعيدا جدا لا يبعدان يقال: إن الأمر برد الربا المعروف إلى صاحبه إن كان معروفا محمول على الاستحباب.
بل يمكن أن يقال: إن الأمر بالرد لما تعلق بصورة واحدة وهي معروفية المال وصاحبه تكون سائر الصور أي صورة اختلاطه مع معروفية الصاحب وعدمها، وصورة كون الصاحب غير معلوم مع معروفية المال وعدمها داخلة في عدم لزوم الرد، وذكر أحد مصاديق المفهوم غير عزيز، ويكون التعليل للجميع، لا لخصوص صورة الاختلاط فيكون الحمل على الاستحباب حينئذ أقرب.
وعليه يمكن أن يكون المفروض في السؤال والجواب صورة جهالة المورث بحكم الربا بالقرينة المذكورة وبمحفوفية الرواية بما لا يبعد أن تكون قرينة عليه زائدة على ما ذكرناه وهو قوله: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد وضع ما مضى (الخ) فإن الظاهر أن التناسب بينه وما تقدم هو مفروضية جهالة المورث.
ويؤيده أيضا رواية أبي الربيع المتقدمة عن أبي عبد الله عليه السلام حيث استشهد عليه السلام بعد بيان حكم الربا بجهالة بقول أبيه عليه السلام وهو ما في رواية الحلبي بعينها وهو شاهد على أن مورد قول أبي جعفر عليه السلام أيضا هو الربا بجهالة.
ويحتمل أن يكون مورد السؤال فيها هو الربا مع عدم العلم بكونه بجهالة أو لا، فحينئذ لا يبعد القول بأمارية يد المورث لما في يده لاطلاق قوله: " من استولى على شئ منه فهو له "، ولبناء العقلاء فحينئذ يكون قوله: " فإن المال مالك " لأجل انتقاله إليه ممن يكون ماله بأمارة شرعية فيحمل الأمر برد ربا المعروف على الاستحباب، بل لو قلنا في تلك المسألة بالتفصيل كما قال به ابن الجنيد يكون ذلك في الحكم الواقعي كما أشرنا إليه، وقريب مما ذكرناه يقع الكلام في صحيحة الحلبي الأخرى، وكيف كان اثبات ما رامه السيد رحمه الله بهذه الروايات مشكل بل ممنوع، هذا كله في غير روايات الباب.