والظاهر من مجموع كلماته بعد جعل بعضها قرينة على بعض أن هذا مراده قال: فالموجود في ضمن الصلاة الخارجية فعلان نيابة صادرة عن الأجير النائب فيقال: ناب عن فلان وفعل كأنه صادر عن المنوب عنه، فيمكن أن يقال على سبيل المجاز: صلى فلان، ولا يمكن أن يقال: ناب فلان، فكما جاز اختلاف هذين الفعلين في الآثار فلا ينافي اعتبار القربة في الثاني جواز الاستيجار على الأول الذي لا يعتبر فيه القربة " انتهى " وهذه العبارة قرينة على مراده في سائر الفقرات، وكيف كان لو كان مراده تعدد العمل كما توهم فهو خلاف الواقع، لأن الصلاة المأتي بها واحدة حقيقة و اعتبارا، وإنما التعدد في انتسابها إلى النائب والمنوب عنه، وإن كان مراده ما ذكرناه فهو مخالف لما عليه عمل المتشرعة وظاهر الشريعة، لما تقدم من أن الأجر مجعول في مقابل العمل في عرف المتشرعة وهو الظاهر من الأخبار.
وبما ذكرناه يظهر النظر في وجه آخر منسوب إلى الشيخ، وهو أن النيابة عنوان يلحق الفعل المنوب عنه وبه يصير متعلقا للإجارة، وهو كون الصلاة عن فلان; فالصلاة من حيث ذاتها عبادة ومن حيث وصفها أي كونها عن الغير معاملة محضة نظير الصوم والصلاة في البيت " انتهى ".
والظاهر أن ذلك أيضا راجع إلى الوجه المتقدم، ويرد عليه ما يرد عليه من أنه تصور وتخيل غير مربوط بما بيد المتشرعة وعليه عملهم وغير موافق للظواهر، كما أن الظاهر رجوع الوجه الآخر المنقول عن رسالة القضاء إلى ذلك: وهو أن للصلاة قيدين، أحدهما كونها عن قصد القربة، وثانيهما كونها عن الغير ويؤخذ الأجر على هذا القيد.
ويرده ما يرد سابقه مع أن تلك الوجوه لا تدفع أصل الاشكال، ضرورة أن المؤجر لا يأتي بالعمل خالصا لله تعالى، وإنما يأتي به طلبا وطمعا في الأجر، وبهذا، يفترق فعل الأجير لعمل الغير عن فعله لعمل نفسه في مكان كذا مثلا. فأخذ الأجر لاتيان صلاته الفريضة في مكان كذا لا يضر بالاخلاص إذا أخذه للخصوصية بعد تحقق داعيه لاتيان فريضته، فالفرق بينهما واضح، والتخلص عن الاشكال ما