من الأخبار، فإن التقية عبارة عن الاحتراز والتجنب عن شر قوم مخالف للمذهب باتيان أعمال توافق مذهبهم من غير أن أكرهوه على اتيانها وأوعدوه على تركها.
ففي رواية مسعدة بن صدقة المعتمدة (1) عن أبي عبد الله عليه السلام " أن المؤمن إذا أظهر الايمان " إلى أن قال: " لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له وتفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحق وفعله فكل شئ يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز ".
وظاهر التفسير سيما في مثل المقام أنه بصدد بيان الحقيقة ولعله أعم من التقية الخوفية والمداراتية.
ويظهر من جملة من الروايات أن التقية مقابل الإذاعة وهي أيضا بوجه داخلة في التفسير، فإنها عبارة عن كتمان المذهب خوفا وتجنبا من المخالف، وأما الاكراه عبارة عن تحميل الغير عملا وايعاده على تركه بما يلجأه إلى العمل أو الايعاد على فعل شئ بما يلجأه على تركه، وأيضا التقية واجبة حسب الأدلة الكثيرة وراجحة في بعض الموارد، ودليل الاكراه رافع للحكم، فمقتضى دليل الرفع رفع الحرمة أو الوجوب عما أكره عليه، لا جعل الوجوب أو الاستحباب لفعله أو تركه. ومقتضى دليل التقية جعل الحكم لا نفيه، وأيضا ظاهر أدلة التقية أنها شرعت لحفظ دماء الشيعة وأعراضهم وأموالهم من غير خصوصية للمتقي، ودليل الرفع منة على المكره ولو حظ فيه حفظ نفسه وعرضه وماله، فبعد كونهما عنوانين مختلفين موضوعا وحكما وموردا وغاية:
لا وجه لتسرية الحكم من التقية إلى الاكراه بل ظاهر قوله: إنما جعلت التقية ليحقن به الدم (الخ) أن تشريعها لحفظ الدم سواء كان دم المتقي أو غيره من أفراد الشيعة فإذا بلغت الدم أي صارت موجبة لإراقة ما شرعت لأجله فلا تقية.
وأما نفي الاكراه لما شرع لحفظ مصلحة خصوص المكره فلا يكون بلوغه دم غيره مخالفا لتشريعه فحينئذ يكون هذا الحكم مختصا بالتقية وبقي دليل نفي ما أكرهوا على عمومه، ودعوى إلغاء الخصوصية ممنوعة بل لا مورد لها، لأن خصوصية