بعض من يتعلق به بإذن ذلك من قبيل الدوران بين حرمة القتل وحرمة التسبيب له (ففيه) أن ذلك ليس تسبيبا لقتل من يتعلق به. فإن التخلف عن أمر المكره ليس سببا عرفا وعقلا للقتل: مع أن المباشرة للقتل أشد محذورا من هذا المعنى المفروض وإن سمي تسبيبا.
بل يمكن أن يقال: إنه لو دار الأمر بين مباشرته لقتل شخص واحد وبين مباشرة المكره لقتل أشخاص عديدة لا يجوز مباشرة القتل، لأن الواجب دفع قتلهم مع الامكان لكن إذا توقف على ارتكاب القتل مباشرة فلا دليل على جوازه وترجيح مقابله، وهل هذا إلا نظير دوران الأمر بين ارتكاب شرب الخمر وارتكاب جمع كثير شربها.
وبالجملة لم يتضح وجوب حفظ النفوس بارتكاب قتل النفس (نعم) لو كان المتوعد على قتله من يجب حفظه على أي تقدير كالنبي صلى الله عليه وآله والوصي عليه السلام يجب قتل غيره لحفظه.
هذا مع قطع النظر عن دليل الحرج وإلا فلا تصل النوبة إلى حكم العقل فإنه على فرض كون المرفوع في الدم حكم التقية وسكوت الرواية عن حكم بلوغ الدم يكون مقتضى دليل نفي الحرج جواز ارتكاب الدم، لما مر من الشر والضرر المتوجه إلى الغير يكون وجوب دفعه بتحمل الضرر على النفس حرجي.
وإن شئت قلت: ايجاب حفظ نفس الغير أو حرمة قتله بايقاع الضرر على نفسه حرجي سيما إذا كان الضرر المتوعد عليه من النفوس أو الأعراض المتعلقة به، فمع قيام الدليل الشرعي لا قبح لحكم العقل وترجيحه ولو قلنا بأن المستفاد من دليل نفي التقية في الدماء الحرمة، فإن قلنا بأنه شامل لجميع أنحاء التقية في عرض واحد وكان مفاده تحريمها مطلقا في الدم: تكون النسبة بينه وبين دليل نفي جعل الحرج العموم من وجه، لأن عدم التقية في الدم أعم من أن يلزم الحرج في تركه، وعليه يكون دليل نفي الحرج حاكما عليه كحكومته على سائر الأدلة وكون دليل التقية من الأحكام الثانوية: لا ينافي الحكومة المتقومة بلسان الدليل مع أن قوله فلا تقية حكم أولى متعلق بعنوانها.
وإن قلنا بأن روايات نفي التقية بلحاظ قوله: " إنما جعلت التقية لتحقن بها