لم يكن غيبة، وحكى الشيخ عن بعض من قارب عصره وهو النراقي الأول ظاهرا (1) أن الاجماع والأخبار متطابقان على أن حقيقة الغيبة أن يذكر الغير بما يكرهه لو سمعه وأنت خبير بأن تلك التعاريف أيضا مختلفة لا ترجع إلى أمر واحد.
والظاهر أن كلمات الفقهاء بل اللغويين غالبا مشوبة بمضامين الأخبار و مستفادة منها، ويشهد له ما في المجمع فإنه بعد تعريفه بما في الصحاح قال: وتصديق ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله ثم حكى قوله: أتدرون ما الغيبة (الخ). فيشكل الاستناد إليها في تشخيص اللغة والعرف الساذج مع أن اختلافها بما ترى يمنع عن الاستناد إلى شئ منها، فالأولى عطف النظر إلى ما يستفاد من أدلة الباب من تشخيص القيود المعتبرة في الموضوع المورد لتعلق الحرمة عليه، أو ما يمكن الاستناد إليه من فهم العرف والعقلاء في مفهومها.
ولا شبهة في أن بعض القيود المأخوذة في الأخبار شرعية كاعتبار الأخوة الايمانية بين المغتابين كما هو المذكور في جميع الروايات التي بصدد بيان حدها وحقيقتها، وتحتمل شرعية بعض آخر أيضا كاعتبار تحقق العيب فيه مقابل البهتان، فإن الظاهر عدم اعتباره في معناه اللغوي والعرفي كما هو ظاهر كلام المصباح حيث قال: وإن كان باطلا فهو الغيبة في بهت، وظاهر كلام الطبرسي المتقدم، والتعريف المحكي عن الشهيد الذي نسبه إلى المشهور، وكذا تعريفه الآخر، والظاهر منه حصر معنى الغيبة لدى الفقهاء بهما، وأن عدم هذا القيد مفروغ عنه لديهم بل لدى غيرهم: وظاهر معقد الاجماع المتقدم، وظاهر عنوان الوسائل حيث قال:
باب تحريم اغتياب المؤمن ولو كان صدقا (2) بل لعله ظاهر جملة من كلمات اللغوي مثل الجوهري والطريحي فإن قوله والاسم الغيبة وهو أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه: ظاهر في كونه بصدد بيان ماهية الغيبة، فبعد بيان ماهيتها بذلك وبقوله قبله اغتابه اغتيابا: إذا وقع فيه قسمها إلى قسمين قسم يقال له الغيبة، وقسم يقال