العقل بالفعل عين معقولاتها والبصر بالفعل عين مبصراتها وبإزاء العقل الفعال في باب العقل والمعقول ينبغي ان يكون جوهر آخر في باب الحس والمحسوس يكون نسبته إليهما كنسبة العقل الفعال إلى العقل والمعقول فالغرض هاهنا ان فعل هذا العقل المفارق في العقل الهيولاني شبيه فعل الشمس في الضوء الحاصل للبصر والمبصرات فلذلك سمى بالعقل الفعال ومرتبته في الأشياء المفارقة الذوات التي ذكرت بعد السبب الأول هي المرتبة العاشرة عند جمهور الحكماء (1) فإذا حصل منه في القوة الناطقة ما منزلته منزله الضوء من البصر حصلت حينئذ عن المحسوسات التي هي محفوظه في القوة الخيالية معقولات أوائل وثواني والفرق بين الذوات المفارقة البريئة عن القوة والانفعال هو بالكمال والنقص وكذا الفرق بينهما وبين المبدأ الأول تعالى وقد أشرنا إلى أن العقل الفعال هو من نوع العقل المستفاد وصور الموجودات فيه هي ابدا على الترتيب الأشرف فالأشرف (2) و ان لم تكن متميزة بالوجود لا بالحلول في الجوهر الفعال ولكنها مع ذلك مترتبة و هذا أيضا من العجائب (3) وترتيبها في العقل الفعال غير ترتيبها في العقل المستفاد وذلك لان أوائل المعقولات هاهنا أخس وجودا وكل ما هو أخس واضعف وجودا فهو أقدم وجودا من قبل ان ترقينا بادراك الأشياء العامة أولا والطبائع العامة معلولات للطبائع الخاصة ثم بادراك النوعيات المحصلة التي هي أكمل وجودا من التي هي اعرف عندنا وأسهل ادراكا وما هو أكمل وجودا كان أجهل عندنا في أول
(٤٦٤)