انه الذي جعل الذات التي كانت عقلا بالقوة عقلا بالفعل وجعل المعقولات التي كانت معقولات بالقوة وهي متخيلات معقولات بالفعل فان الشئ بنفسه لا يمكن ان يخرج من القوة إلى الفعل والا لكان الشئ الواحد جاعلا ومجعولا لنفسه و القوة فعلا هذا محال فان المعدوم لا يصير موجودا الا بموجود بالفعل والجسم لا يتسخن الا بمسخن غيره ولا يستنير الا بمنير بالذات فنسبه العقل الفعال إلى العقل الذي بالقوة كنسبة الشمس إلى العين التي هي مبصرة بالقوة عند الظلمة لان البصر هو قوه استعدادية وهياه ما في مادة وهو من قبل ان يصير مبصرة ومرئية بالقوة وليس في جوهر الباصرة التي في العين كفاية في أن تصير مبصرة بالفعل ولا في جواهر الألوان كفاية في أن تصير مرئية مبصرة بالفعل فان الشمس تعطى البصر ضوءا اتصل به وتعطى الألوان ضوءا اتصله بها فيصير البصر بالضوء الذي استفاده من الشمس مبصرا بالفعل ويصير الألوان بذلك الضوء مبصرة مرئية بالفعل بعد أن كانت مبصرة بالقوة وذلك الضوء نحو من الوجود المحسوس كذلك هذا العقل الذي هو بالفعل دائما يفيد العقل الهيولاني وجودا ما منزله ذلك الوجود من العقل الهيولاني منزله الضوء من البصر وكما أن البصر بالضوء نفسه يبصر الضوء الذي هو سبب ابصاره ويبصر الشمس التي هي سبب الضوء به بعينه ويبصر الأشياء التي هي كانت بالقوة مبصرة مرئية فتصير مبصرة مرئية بالفعل كذلك العقل الهيولاني فإنه بذلك الوجود العقلي يعقل نفس ذلك الوجود وبه يعقل العقل بالفعل الذي هو سبب فيضان ذلك النور العقلي في العقل الهيولاني وبه يصير الماهيات التي كانت معقولة بالقوة معقولة بالفعل وبه يصير أيضا هو عقلا بالفعل وهي أيضا عقولا بالفعل وقد علمت من طريقتنا ان الحس عين المحسوسات وان الجوهر الحساس منا يدرك المحسوسات له بنفس تلك المحسوسات فالبصر منا يدرك المبصرات بالذات بنفس تلك المبصرات بالفعل وكذلك العقل بالفعل منا يدرك المعقولات بالذات بنفس تلك المعقولات عندما كانت معقولة بالفعل واعلم أن المبصر بالذات عندنا ليست هذه الألوان والهيئات والاشكال القائمة بالمواد الخارجية لما أقمنا البرهان على أن لا حضور
(٤٦٢)