لذاته (1) ويمكن أيضا بيانه بالطريقة الأخيرة (2) بأنه متى صح كونه مدركا لغيره وجب ان يكون مدركا لذاته لأنه لما كان مجردا عن المادة ولواحقها فكل ما أمكن له فوجب ان يكون حاصلا له بالفعل لامتناع كونه موردا للانفعال والتجدد فليس فيه شئ بالقوة ولا يسنح فيه حالة لم تكن من قبل فكونه ممكن المعقولية غير منفك عن كونه بالفعل معقولا فوجب ان يكون معقولا لكل ما يصح ان يكون معقولا له بالفعل فيكون كل مجرد عقلا لذاته دائما.
واعلم أن بعض من كان في عصر الشيخ كتب إليه في هذا المقام اشكالا وهو ان الذي يدرك منا المعقولات قد بان وصح انه جوهر مجرد فإن كان كل مجرد عقلا وجب ان يكون النفس الناطقة عقلا بالفعل وليس كذلك (3).
فان قلتم انه بسبب اشتغاله بالبدن يعوق عن أفعاله.
قلنا لو كان كذلك لما كان ينتفع بالبدن في التعقلات وليس الامر كذلك.
فأجاب الشيخ بأنه ليس كل مجرد عن المادة كيف كان عقلا بالفعل بل كل مجرد عن المادة التجريد التام حتى لا يكون المادة سببا لقوامه ولا بوجه ما سببا