معينا فتعيين تلك العلة لذلك المعلول ليس لأجل اقتضاء المعلول لها بل لأجل اقتضاء ذلك العلة لذلك المعلول فلما كانت تلك العلة لذاتها مؤثرة في وجود ذلك المعلول استحال ان يؤثر فيه علة أخرى لامتناع توارد علتين على معلول واحد ولهذا نظائر كثيره منها ان نسبه الجنس كالحيوان إلى الفصل كالناطق والى سائر الفصول واحده فاختصاص هذه الحصة من الحيوان بالناطق لو كان من جهة طبيعة الحيوان بما هو حيوان لزم الترجيح من غير مخصص لتساوي نسبه الحيوان إلى جميع الفصول فالحيوان بما هو حيوان يحتاج لكونه طبيعة جنسية ناقصة إلى فصل من الفصول أي فصل كان لكن تحصله في ضمن هذا النوع بهذا الفصل انما كان من جهة الفصل لا من جهته وكذلك النوع يحتاج في تحصله الشخصي الوجودي إلى تشخص ما أي تشخص كان لكن تحصله في ضمن هذا الشخص كزيد بهذه الهوية الوجودية انما كان من جهة هذه الهوية لا من جهته وما اشتهر عند الناس ان بعض الماهيات النوعية كالابداعيات نوعها مقتض للتشخص الخاص وان التشخص قد يكون من لوازم النوع أي النوع الذي انحصر وجوده في شخصه ليس بصحيح عندنا لاستحالة كون ماهية من الماهيات مقتضيه للتشخص لان التشخص لا يكون الا بالوجود وقد مر في مباحث الوجود ان الوجود يمتنع ان يكون معلول الماهية بالبرهان القطعي الذي سلف ذكره هناك بل الوجود كالتشخص يقتضى الماهية فيما له ماهية والفصل يقتضى الجنس فيما له جنس فبالوجود الخاص تشخصت الماهية وصارت شخصا معينا وبالفصل المعين تعينت طبيعة الجنس وصارت نوعا مخصوصا فلأجل هذا العلم بالتشخص يوجب العلم بالنوع الذي هو معلومه بخصوصه وكذا يلزم من العلم بكل فصل لنوع العلم بجنسه بخصوصه ولا يلزم من العلم بوجود النوع الا العلم بوجود تشخص ما من التشخصات ولا من العلم بوجود الجنس الا العلم بوجود فصل ما من الفصول.
(٣٩٤)